إبراهيم الواعظ([1])

(1893م)

خلال زيارة المؤلف إلى بغداد بشهر كانون الثاني سنة 1956م تشرف بزيارة العالم المحقق والأديب الشاعر والمؤلف العبقري الأستاذ إبراهيم الواعظ، وزادني إعجاباً بمواهبه الفذة ما أشادت به ألسنة الخلق عن سجاياه الفاضلة ومآثره الحميدة الموروثة، ولعمري لا يستعظم صدور العوارف ولا تالد المجد والطارف من نبيل كريم ينتسب إلى أشرف دوحة عربية مقدسة.

أصله ونشأته: هو السيد إبراهيم بن السيد مصطفى بن السيد محمد أمين الواعظ، وينتهي نسبه الشريف إلى الكاظم بن جعفر الصادق أحد أحفاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولد في لواء الحلة مساء يوم الخميس في 1 رجب سنة 1310ﻫ ـ 19 كانون الثاني 1893م، ونشأ بكنف والده في مهد العز والعلم، وكان علامة عصره ومفتياً للواء الحلة، ونائباً عن مدينة بغداد في البرلمان العثماني، وقد اشتهر في عصره بعلمه وفضله ومؤلفاته.

تلقى المترجم دراسته الأولية والمتوسطة في الحلة، وتجلت مؤهلاته فلقنه والده العلوم العربية، وأخذ عن أخيه الأكبر المرحوم العلامة السيد إسماعيل الواعظ وعن أعلام عصره، منهم الحاج علي الألوسي، وعبد الوهاب النائب، ويوسفالعطا مفتي مدينة بغداد، وعبد الجليل آل جميل رحمهم الله العلوم العربية والعقلية، وأنهى دراسته الرشدية وقد تمكن من علوم اللغة والأدب، ثم صحب والده إلى الأستانة فأكمل دراسته الإعدادية وأجاد اللغة التركية.

مراحل حياته: اشترك في تأسيس «المنتدى الأدبي» في الأستانة وانتخب عضواً إداريًّا فيه، وفي سنة 1911م انتمى إلى النادي الوطني في بغداد، ولما طارد جمال باشا السفاح أحرار العرب فرَّ المترجم إلى لواء الديوانية وبقي هناك حتى بارح جمال باشا العراق، ثم التحق بكلية الحقوق ببغداد وتخرج منها سنة 1921م بتفوق باهر.

وفي سنة 1912م توفي والده فتقلد وظائفه الدينية مدرساً وخطيباً في مدرسة (نازنده)، وواعظاً في جامع الخفافين.

في الحرب العالمية الأولى: وفي عام 1914م اشترك في الحرب العالمية الأولى في جبهة الكوت وسلمان بك، وعند سقوط بغداد التحق مع الجيش العثماني إلى الموصل، وأنعم عليه بوسام الحرب، وسرح من الخدمة عند إعلان الهدنة سنة 1918م، وعاد إلى بغداد.

خدماته الاجتماعية: اشتغل في مهنة المحاماة بعد تخرجه من كلية الحقوق حتى سنة 1944م، واشترك في الحركة الوطنية العراقية، وبتأسيس المدارس الأهلية، وأسهم بالثورة العراقية، وقام مع جماعة مختارة من شباب العراق بتمثيل الروايات وجمع التبرعات لتغذية الثورة، واشترك بتأسيس المعهد العلمي، وجمعية حماية الأطفال، وانتخب عضواً في جمعية الشبان المسلمين، وفي سنة 1928م انتخب عضواً في مجلس أمانة العاصمة، وساهم في تأسيس حزب العهد العراقي، واشترك في المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في القدس سنة 1931م، وفي مؤتمر بلودان عن القضية الفلسطينية سنة 1937م، وانتخب عضواً في جمعية الدفاع عن فلسطين، واشترك في المؤتمر البرلماني المنعقد بالقاهرة سنة 1938م للنظر في قضية فلسطين، وساهم في تأسيس الاتحاد العربي، ومثل العراق في المؤتمر العام للاتحاد العربي المنعقد بدمشق سنة 1944م، وكان أحد المحاضرين فيه.

في البرلمان العراقي: انتخب نائباً في البرلمان العراقي عن لواء الحلة في دروتي 1930م و1939م حتى حل المجلس.

في خدمة الدولة: وفي سنة 1944م عين رئيساً لمحاكم الموصل، ثم تنقل في أعلى مناصب القضاء، وعين رئيساً للوفد العراقي لتمثيله في اجتماع اللجان القانونية بجامعة الدول العربية بالقاهرة، ومستشاراً في الجامعة العربية، وأشغل مديرية الإدارة القانونية، ثم عين رئيساً لمحكمة الاستئناف، وانتدب رئيساً للتفتيش العدلي في وزارة العدلية، ولا يزال يشغل هذه الوظيفة، وأنعمت عليه الحكومة العراقية بوسام الرافدين من الدرجة الثالثة في سنة 1953م تقديراً لخدماته وكفاءتهوإخلاصه.

مؤلفاته: لصاحب الترجمة مؤلفات مطبوعة، وهي:

1 ـ خريجو مدرسة محمد، وهو في جزأين، تناول فيه الشخصيات الإسلامية البارزة في أسلوب شيق.

2 ـ أسبوعياتي، وهو عبارة عن نفثات تناول فيها الحياة السياسية والاجتماعية والأدبية والتاريخية.

3 ـ الروض الأزهر في تراجم آل السيد جعفر، وهو سفر ضخم يتضمن تراجم آبائه.

4 ـ المساجلات الموصلية في الندوة العمرية، وهي عبارة عن مساجلات شعرية ونثرية وقعت بينه وبين أدباء الموصل.

5 ـ هل أتاك حديث ضيف إبراهيم.

أما مؤلفاته المخطوطة فهي:

 6 ـ(الزباء) رواية تمثيلية شعرية. 7 ـ (فتح مصر) رواية تمثيلية. 8 ـ(الأقوال الصحاح في أم البنيـن ووضـاح).9 ـ (قصة الغرانيق). 10 ـ (حديث القرطاس). 11 ـ (المقتنى) وهـي مجموعـة خطـب ومقالات ومحاضـرات وقطع شعرية ونثرية. 12 ـ (أصح التأويل لسورة الفيل). 13 ـ (عبد الرحمن بن عوف). 14 ـ (العباس ابـن الأحنـف)، تحقيق فـي شـعره وحياتـه. 15 ـ (ابـن حمويـه)، تحقيق في حياته.16 ـ (ديوان الواعظ) ما نظمه المترجم من شعر. 17 ـ (كافور بين مدح المتنبي وهجائه). 18 ـ (أمالي الواعظ) مختارات مقتطعة من حدائق الأدب شعراً ونثراً. 19 ـ (صور وأشكال) وهي عبارة عن صور مشاهداته مدة إقامته في الموصل. 20 ـ (بين ضفاف دجلة وعنادل النيل)، وهي رسالة عن الصلات الأدبية والسياسية والاجتماعية بينه وبين شعراء مصر وأدبائها وساستها. 21 ـ (مجموعة في المجون). 22 ـ(المعري كما هو لا كما عرفه الناس). 23 ـ (شخصيات عرفتها). 24 ـ (تاريخالعرب بعد الإسلام) وهو عبارة عن سلسلة رجالات الدولة الأموية. 25 ـ (معاوية ابن أبي سفيان). 26 ـ (يزيد بن معاوية). 27 ـ (معاوية الثاني بن يزيد). 28 ـ (مروان ابن الحكم). 29 ـ (عبد الملك بن مروان).

وإخراج هذه المؤلفات يحتاج إلى أموال طائلة وجهود كبيرة، وهي إنتاج قريحة هذا العالم الجبار سنين طويلة.

أدبه: هو أديب بارع في نثره وشعره، وخطيب ألمعي، يعتمد في أسلوبه الأدبي على بلاغة التعبير وقوة الوصف، ومن قوله في قصيدة حماسية تمثلت فيها عزة نفسه ورجولته الكاملة مطلعها:

ومنها:

وتراه وقد بلغ به الحماس الذروة يقول:

ومن شعره العقلي الفلسفي وقد غاص في أعماق الحياة:

وزار مصيف بقين القريب من الزبداني فهام به وقال:

ويتحرق أسى على وطنه وقوميته العربية، فيوضح أهدافه السياسية في الوحدة العربية فيقول:

وله جولات رائعة في الشعر القصصي والتمثيلي، يمتاز هذا الشاعر والخطيب المفوه بأخلاق موروثة، وهو فخر العراق بثقافته وسمو بيانه، وقد أنجب ثلاثة شبان مثقفين، وهم السادة مصطفى وأمية وليث.