جاري التحميل

أحمد باشا تيمور

الأعلام

أحمد باشا تيمور([1])

(1871 ـ 1930م)

مولده ونشأته: هو ابن إسماعيل باشا بن محمد كاشف تيمور بن إسماعيل، وأصل الأسرة من بلاد الكردستان بولاية الموصل، وتيمور، كلمة تركية ينطقها الأتراك في لغتهم (دمير)، ومعناها (الحديد)، وكانت تستعمل لقب تمجيد عند العثمانيين، وبها لقب جده محمد كاشف، جد الأسرة التيمورية، وهو أول من وفد منهم إلى مصر في جيش محمد علي باشا، وقد ساعده على إبادة المماليك، وترقى حتى صار والياً على الحجاز، ويذهب آل تيمور في إثبات نسبهم إلى أنهم من أصل عربي.

ولد المترجم في 22 شعبان سنة 1288ﻫ ـ 1871م، ونشأ يتيماً، لم ير والده ولم يتمتع بحنان الأبوة، أي: قبل وفاة والده بعام واحد، فتعهدته شقيقته الكبرى السيدة عائشة تيمور بالرعاية، وتولته بالتثقيف والتعليم.

تلقى دروسه الأولية واللغات العربية والفرنسية والتركية والفارسية علىمدرسين خصوصيين، وأخذ علم المنطق وعلوماً أخرى عن العلامة الشيخ حسن الطويل وغيره، وظل مثابراً على الدرس ومجالسة العلماء والأخذ عنهم حتى أصبح الحجة في اللغة في عصره.

وكان يؤم سراي تيمور أعلام الأدب، وفيها خزانة كتب هي مفخرة مصر بل والشرق، وقضى معظم حياته ينقب عن المخطوطات النادرة ويشتريها بأغلى الأثمان، حتى اجتمعت لديه نوادر يندر وجود مثلها في خزائن أخرى، ويبلغ عدد كتبها (15000) كتاب في نحو (20000) مجلد، غالبها مخطوط، وجميعها مجلدة تجليداً متقنناً، واستنسخ بالتصوير في عهده الأخير مجموعة صالحة من مكاتب أوروبا، وفيها ما له علاقة بحضارة العرب أو تاريخ مصر.

وكثيراً ما أعار المكاتب والمستشرقين أو استنسخ لهم لحسابه هدية منه، وبعد وفاته أهديت مكتبته إلى دار الكتب المصرية، فأفردت لها مكاناً خاصًّا بها.

آثاره العلمية: كان دقيقاً في البحث والتمحيص، وقد نشر مقالات كثيرة في المؤيد والضياء والمقتطف والمقطم والأهرام والهلال، وكلها تحقيقات تاريخية في حضارة العرب، ومن مؤلفاته المطبوعة: 1 ـتصحيح لسان العرب، القسم الأول والثاني، وقد نشرهما. 2 ـ تصحيح القاموس، وقد طبع. 3 ـ نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الأربعة وانتشارها. 4 ـ قبر الإمام السيوطي وتحقيق موضعه. 5 ـ اليزيدية ومنشأ نحلتهم. 6 ـ تاريخ العلم العثماني.

أما مؤلفاته التي لم تطبع فكثيرة، وأهمها (معجم تيمور في العامية المصرية)، وهو بمثابة إصلاح للأخطاء الدخيلة على اللغة العربية).

أعماله ومآثره: كان عضواً في مجلس الشيوخ منذ تكوينه حتى أوائل العام الذي توفي فيه، واستقال لانحراف صحته، وكان عضواً بلجنة حفظ الآثار العربية، والمجمع العلمي العربي بدمشق، والمجلس الأعلى لدار الكتب الملكية، ومن مؤسسي جمعية الشبان المسلمين، وجمعية الهداية الإسلامية، ومن مؤسسي جمعية نشر الكتب العلمية، ولو لم يكن من مآثره إلا مكتبته النادرة لكفى.

أخلاقه: كان مثلاً عالياً في الأخلاق، حلو المعاشرة، هادئاً، حليماً، على دين متين، ولهجة صادقة، وسمت حسن، وعقل وافر ووقار، محبًّا للخير، لا يصل إلى الشر مطلقاً، وكان محسناً متواضعاً، لا يحب الظهور ولا المباهاة، ومثلاً عالياً في التقوى والغيرة على الإسلام، والمحافظة على العوائد القومية.

وفاته: لقد كانت حياته حافلة بجلائل الأعمال، قضى معظمها في البحث والتنقيب والذود عن الإسلام، وجمع نفائس الكتب حتى نكب بوفاة نجله محمد تيمور في أوائل سنة 1921م، فكانت صدمة قوية لم يقو على كفاحها، فأثرت في صحته، ومن ذلك الحين أصبح يميل إلى العزلة.

ومع أن مصيبته بفقد نجله من أكبر المصائب، فإنها لم تثنه عن المثابرة على الكتابة والبحث، غير أن نوبات المرض كانت تنتابه بين آونة وأخرى، وخاصة في أعوامه الأخيرة، وهو لم يرحم نفسه ولم يشفق عليها.

وفي الساعة الرابعة من صبيحة يوم السبت 27 ذي القعدة سنة 1348ﻫ ـ 26 نيسان 1930م انتقل إلى عالم الخلود، فانطوى ذلك العلم الخفاق، واندك الركن الركين، ودفن وقت الغروب بمقبرة عائلته المجاورة لمقر سيدنا الشافعي.

*  *  *

 



([1])   (أ) (2/461 ـ 462).

الأعلام