أحمد الزروق الجزائري
أحمد الزروق الجزائري([1])
الشاعر المتفنن الشيخ أحمد الزروق الجزائري
أصله ونشأته: هو الأستاذ الشيخ أحمد بن المرحوم الشيخ علي الزروق، حضر جده المرحوم محمد الزروق من الجزائر أثناء الهجرة منذ ثمانين سنة واستوطن دمشق، وكانت هذه الأسرة تقيم في جبل (زواوا)، وهي تنحدر من عشيرة بني (راسن) الجزائرية التي خاضت غمار الحروب ضد الفرنسيين المستعمرين في عهد الأمير المرحوم عبد القادر الجزائري، ولد المترجم بحي أبي جرش في صالحية دمشق سنة (1875) ميلادية، وكان المترجم في السادسة من عمره لما مات والده، فكفله خاله المرحوم العلامة محمد المبارك الكبير، تلقى عنه قواعد اللغة العربية والشرعيةوالفقهية، ودرس على علماء عهده في حلقات الدراسة التي كانت تقام في الجوامع، فاستفاد من علومهم وأفاد المجتمع بثقافته وذكائه اللماح.
رحلاته: وفي سنة 1898م سافر إلى الأستانة بقصد السياحة ونزل ضيفاً في تكية المرحوم الشيخ أبي الهدى الصيادي الرفاعي مدة شهرين، فافتتن بعلمه ومواهبه الفنية وصوته الشجي، وعرض عليه البقاء لديه وأغراه بشتى الوسائل، فاعتذر المترجم وعاد إلى دمشق.
وفي سنة 1899م سافر إلى مصر وأقام فيها مدة شهر، وسمع أصوات مشاهير الفنانين فيها، ثم أدى فريضة الحج.
فنه: وهب الله هذا الفنان الصوت المتموج المتنهد، فإذا غنى غرد كالعندليب الصداح، وروى الذين عاشروه وسمعوا صوته البديع عدة حوادث عن نزول البلابل والطيور من أعشاشها لقربه من شدة الطرب والشدو المؤثر، يحفظ الموشحات والقدود الصوفية المعروفة لابن الفارض والنابلسي واليافي والجندي وغيرهم.
كان أستاذاً للموسيقى في مدرسة (عنبر) التركية مدة (22) سنة، ولما افتتح جمال باشا السفاح المدرسة الصلاحية في القدس ألحقه بها، وظل يعلم فيها مدة ثلاث سنوات، وعاد إلى دمشق بعد انتهاء الحرب العالمية، ورجع للتدريس في مكتب عنبر إلى أن أحيل على التقاعد.
شعره: لقد قضى المترجم حياته الخاصة في أكناف آل المبارك، وهم من فطاحل الشعراء والعلماء الأعلام بدمشق، وفي هذه البيئة الفاضلة ترعرع وتثقف فكان ندًّا لهم.
لقد نظم المترجم الكثير من القصائد في شتى المعاني والمناسبات، وعارض الموشحات، ونظم ألحان بعض القطع الصامتة من السماعيات التركية القديمة، ومننظمه وألحانه البديعة في الغزل موشح وزنه سماعي ثقيل من نغمة البياتي:
ملكت صبًّا ولهانا | بمحاسنها الفتانة |
فتكت بنا بنبالها | له سحر أصمانا |
دنوت منها لانت | بالقد اللدن الليَّانا |
أردافها ملآنا |
ومن شعره في مدح نعل الرسول الأعظم:
نعل به للعرش سار محمد | قبل وألصق بالجبين قبالها |
سعد ابن مسعود بخدمته كما | سعد بن زروق فصاغ مثالها |
إني رسمت مثال نعل محمد | بيدي وفي قلبي وهاك مثالها |
ليرى الأنام جمال سر بهائها | ويكون حرزي في المعاد قبالها |
ركب البراق بها وعاد مشفعاً | فيمن عصى وغداً يقول أنا لها |
وقد قسا عليه الدهر في شيخوخته فأصيب بكسر في رجله، فأفعمت مآسي الحياة فؤاده، إلا أن روحه المرحة قد حالفها الصبر الجميل والجلد العظيم.
* * *