أحمد عزت الفاروقي
أحمد عزت الفاروقي([1])
(1825 ـ 1891م)
أصله ونشأته: هو المرحوم أحمد عزت بن محمود بن سليمان بن أحمد بن علي المفتي، الملقب بأبي الفضائل، ابن الشيخ عثمان الخطيب بن الحاج علي بن الحاج قاسم العمري، ولد في الموصل في أواخر سنة 1825م، وباشر بقراءة القرآن وهو في الرابعة من عمره، وختمه في السنة السابعة، وحفظ طرفاً منه، وفي سنة 1735م طلبه عمه شاعر العراق الأكبر المرحوم عبد الباقي الفاروقي وكان إذ ذاك ساكناً في بغداد، وبقي ملازماً له مدة ستة أشهر أكمل خلالها قراءة الأسيوطي، ثم عاد إلى الموصل وقرأ على أعلام عصره علوم الفقه والحساب، وعلم البديع والمعاني والبيان.
وفي سنة 1842م طلبه عمه ثانية إلى بغداد، وبقي بخدمته يعاشر العلماء والفضلاء والأدباء، وتخرج على عمه في فنون الشعر وعلم الأدب، وأتقن اللغة الفارسية، وظل في عهدته حتى سنة 1850م.
في خدمة الدولة: تقلب في شتى الوظائف من داخلية وخارجية ومالية، وارتقى بالتدريج حتى وصل إلى رتبة الميرميران.
فنونه: كان مع شهرته العلمية شاعراً متفنناً، ومن نظمه هذا الموشح البديع، اقتطفنا منه بعض مقاطعه:
عنبر الليل وكافور الصباح | أشغلاني باغتباق واصطباح |
يا نديمي قم فقد هب النسيم | وبدا من عرفه مسك الشميم |
وانبرت في الكأس نيران الكليم | |
فامزج الخمرة بالماء القراح | واسقنيها بغدو ورواح |
عاطنيها قبل نور الفلق | بغناء الورق بين الورق |
كاحمرار الشمس عند الغسق | |
نسج المرج عليها بارتياح | أروع الدر ومفتر الأقاح |
وغزال سامني بالملق | وبرى جسمي وأذكى حرقي |
أهيف مذ سل سيف الحدق | |
قصرت عنه أنابيب الرماح | بابليُّ اللحظ مهضوم الوشاح |
بات بالوجد فؤادي كلفا | حيث شاب الوصل منه بالجفا |
كلما قلت جوى الحب انطفى | |
أمرض القلب بأجفان صحاح | وسبى العقل بجدٍّ ومزاح |
يا خليلي أنت نور المقل | جد بوصل منك لي يا أملي |
كم أغنيك إذا ما لحت لي | |
مرحباً بالشمس من غير صباح | زرتني والليل ممدود الجناح |
هذه الخمرة من عصر قديم | تبعث الروح إلى العظم الرميم |
تتهادى بين راحات النديم |
والتقى في الأستانة بالمرحوم محمود الألوسي وأخذ عنه بعضاً من المنطق والنحو، وقد مدحه بقوله:
غصن الولاية بالنبوة مورق | وبروض هاتيك المنابت معرق |
فسحابه في كل جو ممطر | وغمامه في كل قطر مبرق |
وهذا موشح آخر يدل على رقته وسمو خياله:
من لصب كلما هبت صبا | هب من رقدته في فزع |
وإذا عن له برق أضا | ومضه يحكي الحسام المنتضى |
أشعل الأحشاء في نار الغضا | |
وإذا ما زنده الواري خبا | أججته زفرة في أضلعي |
قد شجاني ورق ذياك الحمى | فمحت منه دموعي الأرسما |
وبقلبي النار منها أضرما | |
وأصاب الجسم منه وصبا | وغدا مطرحاً في أضلعي |
يا قضيباً مال نحوي وانعطف | كفؤادي ورد خديه انقطف |
صل معنى في يد الجاني انخطف | |
منه قلب من صباه قد صبا | بخداع عنك لم ينخدع |
هائم ولهٌ يشكو النوى | ذو فؤاد ذاب من حر النوى |
ما لواه العذل عن بان اللوى | |
يا غزال الجزع منك اكتسبا | جزعاً في جزع في جزع |
مؤلفاته: ألف (الطراز الأنفس في شعر السيد عبد الغفار الأخرس)، و(كتاب العقود الجوهرية)، و(أحكام الأراضي) باللغة التركية، ثم عرَّبه، و(السيرة العمرية)، سماه فصل الخطاب في فضائل ابن الخطاب، و(رحلته إلى نجد) لما عين إلى متصرفية الأحساء.
وفاته: استأثرت به المنية سنة 1891م.
* * *