جاري التحميل

أحمد مفتاح

الأعلام

أحمد مفتاح([1])
الشيخ أحمد مفتاح

(1858 ـ 1911م)

هو أحمد بن مفتاح بن هارون بن أبي النعاس، ينتهي نسبه إلى (عمار) بضم العين المهملة وتخفيف الميم، أحد العرب النازلين من الصحراء إلى أرض مصر حوالي القرن العاشر، ولما ورد عمار مصر قطن بإقليم منية بن الخصيب في صعيد مصر.

وقطن هارون الجد الأدنى للمترجم في بلدة على الشاطئ الغربي للنيل بإقليم المنية.

مولده ونشأته: ولد المترجم ليلة السبت في الرابع من شعبان سنة 1274ﻫ ـ آذار 1858م، ونشأ ببلدة (نزلة عمرو) في حياطة والده، وابتدأ القراءة على شيوخ عصره، ثم حضر إلى القاهرة لطلب العلم بالجامع الأزهر، وأخذ العلوم عن شيوخه الأعلام، وقد أخذ المنطق عن الإمام الشيخ محمد عبده، وبعد أن قضى سبع سنوات بالأزهر مجدًّا في طلب العلم ومباحثة الشيوخ، عاد إلى بلدته ومكث بها نحو سنتين مشتغلًا بحفظ الشعر ونظمه.

ثم حضر إلى القاهرة ودخل مدرسة دار العلوم سنة 1888م، ونال الشهادة، واشتغل بعد خروجه من المدرسة بالكتابة في صحف الأخبار كالأعلام والقاهرة،وبالتدريس لبعض أناس منهم السيد توفيق البكري، ثم عين مدرساً للإنشاء في مدرسة دار العلوم، وأقام بها تسع سنين انتفع فيها الطلبة وتخرج عليه كثيرون، وبعدها نقل مدرساً للنحو بالمدارس الابتدائية في الأقاليم فحطوا من درجته، إلا أنه احتفظ براتبه، وكان أخيراً بمدرسة بني سويف، ومرض بها، فأحيل على التقاعد واختار السكنى بالقاهرة، وابتغى مكاناً للعزلة والاشتغال بالمطالعة وإتمام بعض تآليفه فاختار مصر الجديدة، وأقام في دار صغيرة بمفرده مع خادم مسن كان يقضي له حاجاته من السوق، ويقوم بتنظيف المكان.

أدبه: اشتغل بالعلوم، وكان جل اعتنائه بمتن اللغة والشعر والنثر، وكلف بتصحيح شرح القاموس عند طبعه برمته للمرة الثانية، ولم يبرع في نظم الشعر إلا عند دخوله دار العلوم طالباً، وقد أرخ إجادته فيه بقوله:

أقول الشعر عن فكر سليم
( 1298ﻫ)

ولما وصل نعي والده إليه رثاه على البديهة بقوله :

قضى والدي بالرغم مني وليتني

سبقت لأمر ساورتني غوائله

لقد عاش دهراً لم يشبه بريبة

حياة سخيٍّ فاض بالقوم نائله

وقام بعبء الدين والفضل صادقاً

وما المرء إلا دينه وفضائله

عليه سلام كلما غاب كوكب

وسالت من الجفن القريح هوامله

ونظم بعد ذلك القصائد المتينة والمقطعات الثمينة، وكان ينهج فيها منهج العرب لكثرة نظره في دواوينهم، ولو تمَّ له الخيال الشعري كما تمت له الديباجة وجزالة الألفاظ، لكان أشعر أهل زمانه بلا منازع.

ولما عاد الأمير محمود سامي باشا أشعر شعراء العصر من منفاه بسيلان، لم يعجبه من شعراء مصر إلا شعر المترجم في رصانة البناء وسلامة التراكيب، وأما نثره فتوءم شعره في الأسلوب العربي.

مؤلفاته: لقد ترك من التآليف: 1 ـ رفع اللثام عن أسماء الضرغام، جمع فيه ما ينيف على خمس مئة اسم للأسد. 2 ـ مفتاح الأفكار في النثر المختار، جمع فيه مختار النثر من رسائل وخطب من الجاهلية إلى هذا العصر، وهو كتاب جليل الفائدة. 3 ـ مفتاح الأفكار في الشعر المختار، جمع به مختار الشعر من الجاهلية إلى عصرنا هذا. 4 ـ ديوان الحماسة من شعر العرب، استدرك به على أبي تمام ما فاته. 5 ـ مفتاح الإنشاء، لم يكمله.

وأخذ في أواخر أيامه في جمع شعره ونثره وترتيبه في ديوان، ولا ندري ما فعل الدهر به.

أوصافه: كان غريب الأطوار، سريع الغضب، سريع الرضا، مع صفاء الباطن، ولـه شذوذ فـي أخلاقـه يتحمله مـن عرفه وعاشره، أسمر اللون، أسود اللحية والشاربين كبيرهما، يهتز ويتبختر في مشيته لمرض كان أصابه في ظهره ورجليه.

وفاته: كان مريضاً بمرض تصلب الشرايين، وهو لا يعلم بأمره ولا يهتم بنفسه حتى اشتد عليه أخيراً، ثم تركه خادمه وعاد لبلده، فبقي وحيداً حتى أدركه أجله المحتوم فجأة والأبواب مغلقة عليه، وبقي أياماً لا يعلم به أحد حتى ظهرت رائحته للجيران، فأخبروا رجال الشرطة فحضروا وكسروا الأقفال، فألفوه مائلاً في سريره وجزء من كتاب الأغاني ملقى بجانبه، وكان ذلك يوم الأحد في 28 محرم سنة 1329ﻫ ـ كانون الثاني 1911م، وقرر الطبيب أنه مضى على وفاته ثلاثة عشر يوماً، فنقلوه ودفنوه.

*  *  *

 



([1])   (أ) (2/447 ـ 448).

الأعلام