جاري التحميل

أديب البستاني

الأعلام

أديب البستاني([1])

(1925م)

هو أديب بن الأستاذ ملحم إبراهيم البستاني، ولد في الدبية في 2 أيلول سنة 1925م، وتخرج من عين ورقة، وأحرز شهادتها العليا سنة 1938م، عين معلماً لمدرسة عين الحور من مدارس أبرشية صيدا، وفي مدرسة الآباء اليسوعيين في قصبة بيت شباب، ثم دعي لإدارة مدرسة قليعة مرجعيون، فقام بهذه المهمة بما عرف عنه من ذكاء ونجابة وحنكة.

في حمص: وشاء القدر أن تسعد حمص مدينة خالد بن الوليد بهذا العنصر الطيب، فعين في عام 1949م مدرساً للأدب في الصفوف العربية الثانوية في الكلية الأرثوذكسية، وما زال، وفي عام 1950م انتسب إلى كلية الصحافة المصرية في القاهرة، وأخذ يدرس الشؤون والفنون الصحفية بالمراسلة نظريًّا وعمليًّا حتى أتم المنهج وأحرز دبلوم الكلية، ودرس فن الاختزال العربي في معهد الاختزال التابع لكلية الصحافة المصرية.

مواهبه الأدبية: هو أديب بكل ما في الكلمة من معاني الأدب، وأحد فرسان الأسرة البستانية في علوم اللغة العربية وآدابها، ذاع صيته واشتهر أمره بما نشره من سلسلة مقالات على صفحات جرائد (صدى الجنوب)، و(الحوادث الحلبية)، و(المختار)، و(الأيام)، وقصائد نشرت في عدة صحف ومجلات، وترأس تحرير (جريدة حمص) الخاصة بالميتم الأرثوذكسي في حمص، وقد أحسن إدارتها ونشلها من الفوضى، وأوجد لها أنصاراً بفضل ما ينشر فيها من الأبحاث العلمية المختارة، فهو المنشئ والمصحح الذي أخذ على عاتقه الرد على رسائل المغتربين الكثيرة، وله دراسات أدبية في تحليل أدب بعض الشعراء.

وفي عـام 1956م كتـب مقـالاً رائعـاً فـي بلاغـة معزاه بعنوان (حلَّ عيد الصدقات)، ويعني عيد الفطر السعيد، استوعب خمس عشرة صفحة، وقد استهل حديثه بديباجة مشرقة متينة التركيب واللغة عن تآمر قريش على الرسول الأعظم، وعن خروجه إلى يثرب واستقباله فيها، وعن إعلانه الحريات والعقائد لغير المسلمين، وكيف ثبت تعاليمه الدينية بين القبائل على أساس العدل والمساواة، وعن نجاحه في توحيد الجزيرة فجعل دينها الإسلام، ودستورها القرآن ، ثم وجه الكاتب العبقري نداءه إلى العالم، بأن هذا العيد هو عيد وثبة العرب ونهضتهم وانطلاقهم في أجواء الحق والخير والكمال، وقد نقل هذا المقال جرائد ومقالات ومجلات كثيرة في الشرق والغرب والمهجر، مما دل على قدرة كاتبه في تحليل شخصية نبي كريم.

وأسعد الله مؤلف هذا السفر التاريخي فاطلع على ما دبجه يراع هذا المنشئ البليغ في مقالته الخطيرة، وهو من أقحاح الموارنة، فتشوق للتعارف عليه، وقد تم ذلك، وتوثقت عرى المحبة بين قلبين على أساس الولاء والإعجاب المتبادل.

لقد هبط المترجم حمص كنعمة من السماء؛ لينعم بها النشء المثقف، وينهل من غزير أدبه، أما وطنيته وحبه لقوميته العربية فهي من الطراز المثالي، ولعمري لا يستعظم ذلك من هذا النسر البستاني، حفيد العباقرة الذين وطدوا بنبوغهم دعائم النهضة العلمية والأدبية، وكفى عن مواهبه دليلًا أنه كان قبل حرب فلسطين يلازم ابن عمه المرحوم العبقري وديع البستاني في مراجعة مؤلفاته الكبيرة المخطوطة، وينهل من ورده الصافي الشهد المصفى.

اتصف المترجم بأفضل السجايا الموروثة، فالكرم واللطف واللباقة، والإباء والشمم هي من شمائله، وآية الذكاء فيه هي وقود عبقريته، فهو كالماء كلما عمق قلَّ خريره، وليسعد والده الأستاذ ملحم إبراهيم على ما وهبه الله من فلذات أكباده النوابغ.

*  *  *

 



([1])   (أ) (2/272 ـ 273).

الأعلام