جاري التحميل

أديب حارس الحمصي

الأعلام

أديب حارس الحمصي([1])

64 ـ العصامي الكريم السيد أديب حارس الحمصي

هو السيد أديب بن إسبر بن جورج الحارس، انحدر من أسرة حمصية قديمة العهد كانت تسكن بحي باب السباع بحمص، ولد في سان باولو البرازيل سنة 1909م، وقد هاجر والده وتعاطى التجارة فيها، وتوفي سنة 1937م.

أسس في سنة 1935م محلًّا للتجارة لبيع الأصناف المتفرقة بالجملة، فجد وكد، فكان عصاميًّا مثاليًّا بكفاحه ونشاطه فأثرى، وفي سنة 1931م اقترن من الآنسة الفاضلة ماتيلدي بنت شحادة بيطار من حمص، وأنجب سبعة أولاد، وهم: روبنس وعمره (22) سنة، وروبيرتو وعمره (21) سنة، وروبسون وعمره (20) سنة، وريكاردو وعمره (17) سنة، ورونالدو وعمره (16) سنة، وراوول وعمره (14) سنة، وريجينيا وعمرها (12) سنة، وكلهم يدرسون في المدراس العالية.

العاديات الأثرية: وهب الله هذا العصامي الحس والذوق المرهف، فحوى أعظم مجموعة من العاديات الأثرية الثمينة، وقد جمعها من الصين واليابان، ومنغوليا وإيطاليا، وفرنسا وألمانيا، والتيبت وسيام، ويقتني أكبر مجموعة غالية الثمن نادرة المثال من أسنان الفيلة، والبورسلين المدهون، والصور الفنية، وقد وضعها في غرف خاصة في بنايته الكبيرة.

أحواله الاجتماعية: هو من أنبل الشباب خلقاً وأكرمهم عنصراً ويداً، تعرفت عليه خلال رحلتي إلى البرازيل ولقيت

منه كل حفاوة وإكرام، ولا أبالغ في القول بأن عدد الذين يتناولون طعام الغداء من معارفه في كل يوم على مائدته الخاصة ينيف على العشرة بصورة مستمرة، وأعتقد أن ما من مغترب سوري يضاهيه بوفرة نفقاته اليومية، وهو يملك عشر بنايات ضخمة في سان باولو تدر عليه ريعاً وافراً.

ومـن مناقبـه الفريدة أنـه لا يتخلف عن إسداء كل خير ومكرمة في سبيل المشاريع الخيرية، ولا يدخل أحد من أصدقائه إلى محله إلا ويخرج بهدية مهما كان شأنها، وقد نال رتبة (الكومندادور)، واحتفل في يوم 15 آذار سنة 1954م في النادي الحمصي بتكريمه، فكانت حفلة شائقة عز نظيرها، أفاض الخطباء بمواهب عصاميته وكريم شمائله، وألقى المؤلف هذه الكلمة باللغة العربية بين اثني عشر خطيباً تكلموا باللغة البرتغالية.

لقد جعل الله الأرض ميداناً للعمل تتسابق فيه الأحياء، وتتبارى فيه الأكفياء، وكل امرئ ينتهج إلى المجد طريقاً، فمن استمسك بعروة الجد استعلى، ومن استمهل عزيمة النفس ونى واسترخى، فكانت يده في هذا الوجود هي الدنيا ويد السابق هي العليا، ولعمري فبعيد الهمة من الرجال يأبى الأدنى، وأبلغ وصف ينطبق على المثالي النبيل القوماندادور أديب حارس هو قول الشاعر :

ولم أر أمثال الرجال تفاوتاً

إلى الفضل حتى عد ألف بواحد

لقد كان السر في الهجرة من الوطن هو الطموح الفطري، فأتاح الكد والكفاح والصدق للمغتربين الكسب والثراء، فالطموح والعصامية صنوان لا يفترقان، وقد تجلت مواهب المغتربين في حياتهم، فكانوا كما اتصفوا به من رصانة الأخلاق وسلامة الأجسام بالوراثة عناصر كريمة في مزاياها الفاضلة، عظيمة الأثر في توجيهها إلى الغايات المثلى.

لقد شق هذا الشاب العصامي المحتفى به طريق الحياة لنفسه، وتوصل بكفاحه وصدقه وكرمه الأصيل الموروث إلى ما يصبو إليه من نعمة وثراء، وجاه وعز ومجد وتقدير من الشعب والحكومة البرازيلية.

وقد كان لعطف البرازيل الفياض بالنبل والكرم حكومة وشعباً نحو المغتربين الفضل لما وصلوا إليه من سعادة ورفعة وسمو في مراكزهم التجارية ومكانتهم الاجتماعية.

إن تكريم العناصر الكريمة له أثر بليغ في النفوس، فهو مثال رائع للاقتداء والاحتذاء، وقد غمرتني السعادة مما أشاد به الخطباء عن مواهب المحتفى به وألمعيته ونبله ومكارم أخلاقه بمناسبة تفضل منظمة (الأوردن ديل فونقورديادي روما) بمنحه رتبة الكومندادور، وإني إذ أشكر بلساني وباسم حمص أريحية المتفضلين بإقامة هذه الحفلة التكريمية في عيد ميلاده السنوي الأغر، لأهتف من صميم الفؤاد: عاشت البرازيل، وعاشت سوريا، وعاشت حمص وجميع المغتربين في ظل البرازيل الوارف.

*  *  *

 



([1])   (أ) (1/145 ـ 146).

الأعلام