جاري التحميل

إسماعيل صبري

الأعلام

إسماعيل صبري([1])

(1854 ـ 1923م)

إسماعيل صبري باشا

مولده ونشأته: ولد إسماعيل صبري باشا بمدينة القاهرة في 18 شعبان سنة 1270ﻫ ـ 16 شباط سنة 1854م، وتلقى الدروس الثانوية في المدراس المصرية، ونال شهادة الليسانس في الحقوق من كلية مدينة إكس بفرانسا سنة 1878م، وشغل عدة وظائف في القضاءين الأهلي والمختلط، وعين رئيساً لمحكمة الإسكندرية الأهلية، فمحافظاً لها، ثم وكيلاً لوزارة العدلية.

أدبه: امتاز بشعره بسمو الخيال، وحب الفن والجمال، وخفة الروح ورقة التشبيب، وكان ديمقراطي الروح يقدس حرية الرأي وحرية العمل، لقد راد كل أبواب الشعر الذي كانت مطروقة في أيامه، فقال في المديح والتهاني، والتقاريظ والهجاء والفكاهات، وفي الغزل والذكرى والتشوق، وقال في الوصف والاجتماعيات، والسياسات والإلهيات، والمراثي والأناشيد.

كان أستاذ الشعراء وشيخهم في الصناعة ومراعاة الدقة في الربط بين المعنى وبين النفس، يمتاز شعره بعاطفته القوية الصادقة التي كانت شائعة في جميع نواحي شعره، وهذه العاطفة متجلية في غزله الرقيق الفاتن، ولكنه كان أنيقاً مترفاً لا يقول إلا بدافع النفس ورغبة القول، ولم يكن يعنى بتدوين كل ما يقول، وأكثر ما ينظم لخطرة تخطر على باله من مثل حادثة يشهدها، أو خبر ذي بال يسمعه، أو كتاب يطالعه، وكان لا ينظم للشهرة، بل لمجاراة نفسه على ما تدعوه إليه، وينظم المعنى الذي يعرض له، شديد النقد لشعره، كثير التبديل والتحويل فيه، حتى إذا استقام على ما يريده ذوقه من رقة اللفظ وفصاحة الأسلوب أهمله ثم نسيه.

وقد طبع ديوانه على نفقة صهره حسن رفعت بك، وصححه وضبطه وشرحه ورتبه صديقه وملازمه الشاعر الراوية الأستاذ المرحوم أحمد الزين.

مواقفه السياسية: كان مثاليًّا في وطنيته، فقد عاش في حياته لم يزر إنكليزيًّا قط، وكانت له في السياسة مواقف مشرفة، ولما وقعت حادثة (دنشواي) المؤلمة، أسف على ضحاياها، فنظم قصيدة عامرة قال في آخرها مخاطباً الخديوي عباس حلمي:

وأقلتَ عثرة قرية حكم الهوى

في أهلها وقضى قضاءٌ أخرق

إن إنَّ فيها بائس مما به

وأرنَّ جاوبه هناك مطوق

وا رحمتي لجناتهم ماذا جنوا

وقضاتهم ما عاقهم أن يتَّقوا

ما زال يقذي كل عين ما رأوا

فيها ويؤذي كل سمع ما نعوا

نثره: لقد كان نثره أشد تأثيراً في النفس وأثبت أثراً، وقد نظم الكثير من الشعر الغنائي والأدوار والمواويل، غناها عبده الحمولي ومحمد عثمان ومشاهير الفنانين، ومن شعره الذي يُغنى به:

يا آسي الحي هل فتشت في كبدي

وهل تبينت داءً في زواياها

أواه من حُرَقٍ أودت بمعظمها

ولم تزل تتمشى في بقاياها

يا شوق رفقاً بأضلاع عصفت بها

فالقلب يخفق ذعراً في حناياها

واستمع إلى قصيدته بعنوان (راحة في القبر)، وهي تدل على ما كان يعانيه في أواخر حياته من أوجاع وآلام:

إن سئمت الحياة فارجع إلى الأر

ض تنم آمناً من الأوصاب

تلك أمٌّ أحنى عليك من الأمْ

مِ التي خلفتك للأتعاب

لا تخف فالممات ليس بماح

منك إلا ما تشتكي من عذاب

كلُّ صيتٍ باقٍ وإن خالف العنـ

ـوان ما نصَّ في غضون الكتاب

وحياة المرء اغتراب فإن ما

ت فقد عاد سالماً للتراب

وفاته: كان صابراً على أوجاعه، لم يشك ألم العلة وهي تذبح صدره، ولما أدركته الشيخوخة انقطع عن النظم، وفي 21 آذار سنة 1923م انتقل إلى عالم الخلود، ودفن بمدفنه في مقبرة الإمام الشافعي في القاهرة، وأقيمت له حفلة تأبين كبرى تبارى فيها الشعراء والخطباء، وكان مثال الموظف النزيه، فقد بلغت مدة خدمته في الدولة (41) سنة، وحاز على كثير من الأوسمة الرفيعة.

*  *  *

 



([1])   (أ) (2/446 ـ 447).

الأعلام