أمين الريحاني
أمين الريحاني([1])
(1876 ـ 1940م)
مولده ونشأته: هو أحد زعماء الحركة الفكرية ودعائم النهضة الأدبية في البلاد العربية، وقد دعته الصحف العربية بفيلسوف الفريكة، نسبة إلى مسقط رأسه.
ولد الريحاني في قرية الفريكة (لبنان) في 24 تشرين الثاني سنة 1876م، وتلقى دروسه الابتدائية في مدرسة قريته، وكان المعلم فيها المرحوم نعوم مكرزل.
هجرته: هاجر المترجم مع عمه إلى الولايات المتحدة، وعاش في نيويورك أربع سنوات لم تعرف عائلته عنه شيئاً سوى ما يطمئنها عن صحته، وبعد ذلك لحق به أبواه حيث أسس والده محلًّا تجاريًّا عهد إلى أمين بتدقيق حساباته ومساعدته في البيع، وبالرغم من عمله في النهار فقد داوم على مدرسة ليلية وتعلم فيها الإنكليزية، وكان ينتهز الفراغ فيطالع أحياناً في زاوية المحل، فيؤنبه والده وينصحه بالانتباه إلى العمل، وكم سخر منه قائلًا: إنه لا يريده أن يكون فيلسوفاً.
ورغم كل ذلك فإنه كان لا يحب التجارة، وأخذ يكثر من قراءة مؤلفات شكسبير وغيره، ثم دخل مدرسة الحقوق مدة سنة وغادرها إلى البيت ليخبر والده أنه لا يرغب في مواصلة دراسة الشريعة، فكان في حياته لا يستقر على حال، إلى أن بدأ في الكتابة فوجد ضالته المنشودة، ومشى يتغلغل في ميدان الأدب، وكانت معرفته الأولى بالعرب بواسطة اللغة الإنكليزية.
عودته إلى الوطن: وعز على هذا العبقري أن تنحصر مواهبه في آداب اللغات الغربية، فعاد إلى وطنه ليتعلم لغة أجداده، وكانت تلك بداية أسفاره المتواصلة بين وطنه وبين الولايات المتحدة، وأطال الإقامة في بعضها، وكان يحب الفنون، وقد مارس التمثيل زمناً وأجاد فيه.
رحلاته: لقد كان الريحاني أحد الرحالين العرب الحديثين، فقد زار المكسيك هرباً من شتاء نيويورك، ولكن رحلاته المشهورة كانت في بلاد الشرق العربي، فقد زار مصر والحجاز واليمن ونجداً وساحل الخليج الفارسي والعراق وغيرها، وألف فيها وفي ملوكها الكتب الكثيرة، ولقي من الحفاوة والتقدير ما هو جدير بمواهبه وعبقريته.
وكان يكتب بالإنكليزية كما يكتب بالعربية، وله مقالات قيمة نشرها في أمهات الجرائد الأمريكية، وكتب نفيسة، وقد عرَّف فيها العالم الغربي الجديد منه والقديم بالعالم العربي ومكارمه وفلسفته، فكان له فضل كبير في نشر الثقافة العربية الحديثة وبث روحها بين أبناء العروبة.
آثاره العلمية: وفي سنة 1904م رجعت عائلة الريحاني من نيويورك إلى الوطن بعد وفاة عميدها، وأقام الريحاني متنسكاً في الفريكة ست سنوات بدأ خلالها بتأليف (الريحانيات) وكتاب خالد، ثم مضى يتنقل بين الفريكة ونيويورك طيلة حياته، وخلف مؤلفات أشهرها باللغة العربية: 1 ـ موجز تاريخ الثورة الفرنسية. 2 ـ المحالفة الثلاثية. 3 ـ الريحانيات في أربعة أجزاء. 4 ـ زنبقة الغور. 5 ـ المكاري والكاهن. 6 ـ ملوك العرب وهو جزءان.7 ـ خارج الحريم، أو جهان. 8 ـ النكبات. 9 ـ تاريخ نجد الحديث. 10 ـ أنتم الشعراء. 11 ـ فيصل الأول. 12 ـالتطرف والإصلاح. 13 ـ قلب العراق. 14 ـ قلب لبنان. 15 ـوفاء الزمن.
أمـا المؤلفـات التـي لـم تطبـع بعـد فهي: 16 ـ المغرب الأقصى، جزءان. 17 ـ سـجل التوبـة.18 ـ الريحانيـات الخامس والسـادس والسابـع والثامـن. 19 ـ رسائـل أمين الريحاني. 20 ـ العراق. 21 ـ دروس في ألف ليلة وليلة. وله تآليف باللغة الإنكليزية، وهي: 22 ـ رباعيات أبي العلاء المعري. 23 ـ المر واللبان. 24 ـ خالد. 25 ـأنشودة الصوفيين. 26 ـ ابن سعود ونجد. 27 ـ حول الشواطئ العربية. 28 ـ بلاد اليمن.
أما كتاب النكبات فإنه لم يغفل عن هفوة من هفوات المسلمين وملوكهم منذ بدء ظهورهم إلا أبداها مجسمة، على أن الأب لامنس اليسوعي نقد كتابه بصورة جارحة تدعو إلى زيادة النقاش بين العناصر الإسلامية والمسيحية، وقد ردَّ العلامة المرحوم الشيخ عبد القادر المغربي على الأب لامنس في هذا الموضوع الشائك.
كان شغوفاً بالطبيعة ومظاهرها الخلابة، وللقمر تأثير في نفسيته، وبالرغم من كل ما كان يتمتع به من البذخ والإسراف واللهو في نيويورك ما كانت هذه لترضيه فتأسره عن الرجوع إلى الفريكة، وما كانت قريته لتشبع منه هواية الأدب والفن والمدنية فتلهيه عن نيويورك التي أصبحت فيما بعد بغيضة إليه، وقد ربطه الحب وتقاسم قلبه وعقله فشطر حياته إلى شطرين جعل منه رحالة تستهويه الأسفار، إلى أن قام برحلته العربية الفريدة التي وضع على إثرها كتابه (ملوك العرب).
وفاته: وفي 13 أيلول سنة 1940م انتقل إلى عالم الخلود في الفريكة.
* * *