أمين ناصر الدين
أمين ناصر
الدين([1])
شاعر العبقرية وإمام اللغة وفقيد الصحافة والأدب
المرحوم أمين بك ناصر الدين
إن الجواهر القيمة توجد بين الأتربة وفي بطون الأرض، وكذلك الدرر فإنها توجد في قعر اليم، ولا تنزل منزلتها من القيمة والاعتبار إلا إذا صادفها من يقدر ويعرف، وكذلك العباقرة فإنهم يضيعون في المحيط المنحط فيأتون إلى هذا العالم ويمضون ولا يشعر بهم إلا القليل، فهم كالنضار في الغبار والدر في البحار.
ومن هذا القبيل الشاعر الكبير، واللغوي العظيم، والصحفي الجريء المرحوم الأستاذ أمين بك ناصر الدين صاحب جريدة الصفاء، والشاعر المطبوع، والناصح المرشد في كل ما خطه وتركه من آثار وأفكار، فقد كان مبتسراً جاد به الدهر قبل أوانه، واختطفته الأقدار من بيننا في العام الماضي قبل أن يتم رسالته وينال حظه في هذه الحياة.
ولادته: لم نقف على تاريخ ولادة المترجم بالضبط، وكل ما نعرفه بأنه عاش 62 عاماً وتوفي العام الماضي، فتكون ولادته 1890م.
صحيفته وتآليفه: أسس المرحوم مطبعة الصفاء في قرية عاليه في لبنان، وأصدر جريدة الصفاء، فعرب ونشر عدداً من الروايات الأخلاقية من قصصية وتمثيلية، ثم نقل المطبعة إلى قرية عبية واستمر على إصدار جريدة الصفاء، ثم نقلها إلى بيروت فكانت أجرأ وأنزه صحيفة صدرت، وتوخى في نشرها السعي للاستقلال والمحافظة على الأخلاق والعادات الشرقية ومحاربة المفاسد الأجنبية.
وأصدر ديوانه «صدى الخاطر» قبل الحرب العامة الأولى، ثم أصدر «الإلهام»، فإذا أردت أن تعرف من هو أمين بك ناصر الدين فاقرأ ديوانه، فإنه يصور حالتنا الاجتماعية ويشخص الداء ويصف الدواء، وإني أجتزئ بعض أبيات منه، قال رحمه الله:
إذا بات كلبك مستأسداً | وأصبح هرك مستنمراً |
وشاق حمارك سرج الجواد | وديكك أقبل مستنسراً |
وراح أسامة يهوى العواء | وود ثعالة أن يزأرا |
فلا تعجبن ولا تغضبن | فإن الزمان مشى القهقرى |
وقال:
سراة البلاد وأعيانها | لقد صح ما قاله القائل |
قصاراكم بذخ دائم | وغايتكم منصب زائل |
وأما البلاد وسكانها | فلفظان معناهما باطل |
وإلا فكيف ترون الخطوب | تنوب وكلكم غافل |
وتستوطنون مهاد الرخاء | وفي الربع قد نعب الحاجل |
نهوضاً نهوضاً لرأب الصدو | ع فلا يفقد الأمل الآمل |
وسعياً إلى حقن هذي الدماء | ففي ذاك خير لكم عاجل |
وإلا فإثمكم موبق | وربكم الحكم العادل |
* * *