أنيس سلوم
أنيس سلوم([1])
ولد المرحوم أنيس سلوم في حمص سنة 1862م من أسرة حمصية أصيلة، وهي تنحدر من أصل غساني، ولما أكمل دراسته الابتدائية في حمص دخل مدرسة (عبيَّة) في لبنان وتخرج منها، وهي المدرسة التي تخرج منها الشاعر الحمصي العبقري المرحوم الشيخ إبراهيم الحوراني.
مراحل حياته: امتهن التدريس مدة في قرى لبنان، ثم فتح مدرسة ابتدائية في حماة، فدأب على التدريس فيها، وعكف على المطالعة، وتبحر في العلوم العربية، فأتقن فنون الأدب العربي، وحفظ كثيراً من آيات القرآن الكريم، وتضلع في قواعد اللغة العربية، له مساجلات كثيرة مع شعراء عصره ومن نظمه، وقد درس علم اللاهوت، فكان في سنة 1883م راعياً للكنيسة الإنجيلية في حماة، وتولى رعاية الكنيسة الإنجيلية بدمشق سنة 1897م، وانتخب في سنة 1909م عضواً عن لواء حماة للمجلس العمومي في ولاية سوريا، وتكرر انتخابه لما يتمتع به من ثقة شعبية.
في المنفى: وفي سنة 1916م نفاه السفاح التركي جمال باشا إلى مدينة توقات في ولاية سيواس بحجة ميله للحلفاء، وبقي في المنفى حتى جلوس السلطان وحيد الدين العثماني.
واعترافاً بفضله وللاستفادة من مواهبه عين عضواً عاملاً في المجمع العلمي العربي بدمشق، وعهد الملك فيصل إليه بالإشراف على لغة دواوين الحكومة وإرشاد شبان الكتاب إلى الفصيح من الأساليب والتعابير السليمة.
شعره: كان رحمه الله ينظم الشعر في ديباجة من السهل الممتنع، ومن شعره قصيدة مدح بها المرحوم الملك فيصل في 1 أيار سنة 1919م يرحب فيها بمقدمه عقب عودته من أوروبا، قال في مطلعها:
بإشراق هذا الوجه قد أشرق السعد | وأصبح شادي الأنس في جلَّق يشدو |
وقرت بمرآك العيون وأقبلت | إليك قلوب ملؤها الشوق والوجد |
ومنها:
وأجدادك الأشراف من آل هاشم | وأنت عميد العرب فيصلها الفرد |
ولا عجب إن قلدوك ثناءهم | ففي عنق الحسناء يستحسن العقد |
ورثى ابن عمه الشهيد رفيق سلوم في حفلة تكريم الشهداء سنة 1918م فقال:
كيف أرثي رفيق أهل المعالي | وحليف الأشراف والأبطال |
وبأي الألفاظ أحسن وصفاً | للفتى الباسل الحميد الخصال |
حبس الحزن مقولي فهو لا يسـ | ـطيع تأبين ذلك الرئبال |
ليس بدعاً إذا حزنت على بد | رٍ عراه الخسوف قبل الكمال |
وله ديوان شعر أكثر قصائده في الحكم والأخلاق والمديح والمراثي ومناصرة البؤساء.
مؤلفاته: ألف بضعة كتب مختصرة في الصرف والنحو والبيان والمنطق، وله موجز في علم الاجتماع، وآخر في علم النفس، وغيره في علم الاقتصاد، وأكثرها فُقِدَ خلال نفيه إلى الأناضول.
صفاته ووفاته: كان أسود العينين، حنطي اللون، ذا هيبة ووقار، قوي الإرادة والحافظة، خطيباً وواعظاً، فياض القريحة.
وفي سنة 1926م مرض بداء تصلب الشرايين واعتزل العمل، وتوفاه الله إثر نزيف دماغي أصابه في اليوم العاشر من شهر كانون الأول سنة 1931م، وقد أفاض الخطباء والشعراء بتأبينه وتعداد مآثره، منهم ابن عمه الشاعر شاكر سلوم، رثاه بقصيدة مطلعها:
ملأ الحياة مآثراً ومفاخرا | ومضى وأبقى الذكر حيًّا عاطرا |
ورثاه الشاعر الحمصي السيد وجيه بقصيدة منها قوله:
تبكي الخطابة فيه أبلغ شاعر | نظم القريض ففاق درَّ قلاد |
وكتب رحمه الله بذيل صورته:
ما أنت في دنياك غير مسافر | فتزوَّد التقوى بعيش طاهر |
واذكر نهاية كل حي واتعظ | فالموت أبلغ واعظ للذاكر |
* * *