جاري التحميل

بطرس كرامة الحمصي

الأعلام

بطرس كرامة الحمصي([1])

الشاعر المبدع المرحوم بطرس كرامة الحمصي

هو المرحوم السيد بطرس بن إبراهيم كرامة، وأسرته قديمة عريقة في مجدها وشرفها، ولد في حمص سنة 1774 ميلادية، ونشأ وتثقف فيها على أعلام عصره، كان ذكيًّا في فطرته، يحسن الكتابة والقراءة في اللغة التركية، وكانت اللغة الرسمية في العهد العثماني، ومن أتقنها كان من السعداء.

في خدمة الأمير بشير الشهابي: ولما اشتهر أمره من الناحية العلمية استقدمه الأمير بشير الشهابي أمير لبنان لتثقيف ولديه المرحومين خليل وأمين وتعليمهما اللغة التركية، وذلك سنة 1810 ميلادية، ولما رأى الأمير مواهبه قربه واعتمده وجعله (كتخداه)؛ أي مدير الخزينة في الحكومة اللبنانية، فأصبح معروفاً نافذ الكلمة.

إخلاصه المثالي: ولما نفى الأمير بشير الشهابي سنة 1840 إلى الأستانة رافقه المرحوم بطرس كرامة حبًّا وطوعاً، فكان وجوده بالقرب من الأمير أكبر تعزية وسلوى في غربته، وتقرب من رجال الدولة فعين ترجماناً في الباب العالي، وبقي فيها حتى وفاته سنة 1851م.

مآثره الأدبية: كان شاعراً بليغاً مجيداً، فصيح اللسان، مهيباً وقوراً، له منظومات شعرية في ثلاثة دواوين، أحدهما منظوم في سورية والثاني في مصر والثالث في الأستانة، وطبع ديوانه الأول سنة 1898م، وعدد أبياته نحو سبعة ألاف بيت أكثرها في مدح الأمير بشير الشهابي، وله مصنفات لم يطبعها، ومن قوله في الغزل:

فتن القلوب وقد تمنطق خصره

من أعين العشاق أي نطاق

أمسى يداعبني بورد خدوده

لما رآه يفيض من آماقي

يفتر عن در فأبكى مثله

لله در الطرف من سراق

وكان رحمه الله مولعاً بالفن الموسيقي، وهذا موشح يصف به الزنبق والياسمين والنسرين ونوفرة الفوار، فقال وقد أبدع:

أطلع الزنبق يسقي الياسمين

 

من ندا أقداحه صرف العقار

 

فاعتلى المضعف بالحسن المبين

وانثنى البان عليه ثم غار

وشذا النسرين بالعطر الثمين

فتدانى نحوه أنف البهار

نقل النمام أن العنما

عانق النوفر جنح الغلس

والأقاحي قد أعار الخزما

خفية تاج الشقيق الأطلس

وله قصيدة بديعة وقد تكرر لفظ الخال في كل قافيته، وكل منها بمعنى:

أفي خدها الوردي أفتنك الخال

فسح من الأجفان مدمعك الخال

وأومض برق من محيا جمالها

بعينك أم من ثغرها أومض الخال

رعى الله ذياك القوام وإن يكن

تلاعب في أعطافه التيه والخال

ولده إبراهيم: كان رحمه الله شاعراً مجيداً، ومن غزله في غانية:

جاءت تزور من الإفرنج غانية

وشعرها طال فينا ليله الحلك

تقول صفني وفسطاني فقلت لها

أنت الغزالة حلت قبة الفلك

*  *  *

 



([1])   (أ) (1/36).

الأعلام