توفيق البندوق
توفيق البندوق([1])
ولد بحمص سنة 1900م، وتلقى دراسته في مدارس الطائفة الأرثوذكسية، هاجر إلى البرازيل وهو في الحادية عشرة من عمره مع عمه المرحوم عبده بن موسى البندوق، وقد تعاطى الأعمال التجارية بشراكة أخيه الكبير، وكان النجاح والتوفيق حليفهما في كل عمل تعاطياه بفضل الحنكة والأمانة والصدق.
وفي 8 شباط سنة 1930م اقترن بالآنسة الفاضلة أليزا بنت إسطفان البندوق وأنجب: سمير وسميرة ونادرة، وقد درسوا في المعاهد العليا، وأسس لولده البكر معملاً لصناعة الورق.
خدماته الاجتماعية: إن اسم السيد توفيق مقرون بالتجلة والتقدير في ضبوط ومقررات الأندية الأدبية والمياتم والملاجئ والمستشفيات، وهو سباق لكل فضيلة ومكرمة، وهو رئيس مجلس المستشارين في النادي الحمصي، وقد حضر المؤلف الحفلة التقليدية لتسليم رئاسة النادي الحمصي من رئيس إلى آخر بعد انتهاء دورته، فكان الرئيس اللبق الذي قاد الحفلة بحكمته ورزانته، فأرضى الجميع مع اختلاف وجهات النظر.
منتزه الميماس: إن إطلاق اسم (الميماس) على بستان (شاكرة) في ضواحي سان باولو يدل على ما تكنه أفئدة هذه الأسرة من شوق وحنان وإخلاص ووفاء لعروبتهم، فإن ابتعدوا عن حمص العزيزة فلديهم من الذكريات الجميلة ما تحرك أشجانهم، فلا تنسيهم ماضيهم وارتباطهم الروحي بالوطن الأم.
ورجال هذه الأسرة النبيلة أولى من الغير بالتعصب لقوميتهم والاحتفاظ بلغتهم وعنصريتهم، لما لأسرتهم من تاريخ مجيد في بطون الدهر.
الميماس: ويشوق المؤلف أن يصف هذا المنتزه الفتان، فهو مرتع العظماء والفضلاء، وقد أضافته مختلف العناصر من ديبلوماسية ودينية وثقافية، يتجلى فيه كرم آل البندوق وألطافهم وأذواقهم المرهفة، وبين المؤلف والسيد فؤاد البندوق صلات ود وثيقة يرجع عهدها إلى ما قبل هجرته من حمص، فقد كان خلال رحلته إلى البرازيل موضع حفاوة الشقيقين النبيلين.
وفي 25 آذار سنة 1954م أقام الأخوان العصاميان على شرف المؤلف حفلة كبرى في منتزه الميماس دعي إليها نخبة ممتازة من أفراد الجالية، وقد اغتنم الفرصة وتجول بين خمائله وربوعه السندسية فرأى بعينه الحقيقة الراهنة.
مزرعة شاكرة أو منتزه الميماس: تبعد المزرعة عن وسط سان باولو (22) كيلو متر، وهي عبارة عن سهل منبطح محاط بجبل يمتد من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، أما الجهة الشرقية فمفتوحة.
ينزل الزائر إلى مربعات هذا المنتزه بأدراج، فيه جنائن وأحواض مزروعة بتنسيق بديع، فيه محلات لحفظ أدوات الفلاحة والزراعة، وجناح لطبخ اللبن وإخراجه للبناء، وفيه أربعة مساكن مستوفية الشروط للعمال، وأوكار فنية لتربية النحل، وأقنان للدواجن، ومحرك عادي لرفع المياه للأراضي العالية لسقايتها في السواقي المنظمة، وتنُّور لصنع الخبر السوري الشهي.
وفي هذا المنتزه صالون كبير مسقوف بالقرميد بجانب بحيرة السباحة.
أما جوانب هذه المزرعة فتكتنفها أشجار السرو والورود بشكل يفتن الألباب، وهي عبارة عن جبل فيه حرش واسع، حتى إن أحد الحراس قد باع خلسةكمية من الأشجار البرية بمبلغ عشرة آلاف ليرة سورية واختفى مع المبلغ.
وقد قطع الشجر البري وغرس بدلاً عنه شجر الأوكاليبتوس. وفي وراء الجبل نبع ماء معدني لو استغلَّ لأعطى مالكيه مورداً عظيماً.
الخضرة والفواكه: يزرع في أرض المزرعة البطاطا والبصل والخضروات المتنوعة لاسـتهلاك العمال، وفيهـا أشجار كثيرة مـن التفاح والإجاص والدراق والكاكي والكستنة والبرتقال والليمون الحلو، وعقائل الكرمة.
جناح السكن: يتألف جناح السكن للاصطياف من أربع غرف عليا وأربع سفلى مع حمامين ومطبخ وصالون ومشرقة من أمام وأخرى في الداخل تطل على جوانب المزرعة المقسمة إلى مربعات وخمائل مغمورة بالياسمين وأنواع الزهور الملونة.
البحيرات: فـي المزرعـة ثلاث بحيرات إحداهـن لتربية السمك، والثانية للسباحة مساحتها عشرة بعشرين متراً مربعاً، وفيها المقاعد والأرصفة الرخامية، يأتيها الماء من الخزان، وعمقها من متر وعشرين سانتيماً إلى متر وثمانين، وبجانبها المشلح الأنيق لتبديل الثياب، وبقعة مختصة للرياضة مع أدواتها الكاملة. والبحيرة الثالثة وهي الأكبر للنزهة والتجديف بالقوارب، تبلغ مساحتها (2050) متراً مربعاً، وماء البحيرة يأتي إلى البحيرات الباقية وقد حفرت حفراً.
استغلال المزرعة: لو اعتني باستغلال الميماس واستثمار شجر الأوكاليبتوس الذي يستعمل في المصانع الكيماوية ويستخرج منه بعض المواد الأولية للصابون، ومنه يستعمل العلاج ضد النزلات الصدرية، ولو بيعت أعمدته الطويلة؛ لدرَّ على مالكيه مبالغ طائلة من مواسمه التي تتجدد كل خمس سنوات.
وفي المزرعة خزانين: الأول على ضغط المياه، والثاني على محرك عادي، ويبعد الأول عن الثاني (150) متراً، وهما لإملاء البحيرة واستهلاك البيوت.
مزرعة ثانية: ويملك الأخوين الكريمين مزرعة ثانية تبعد عن سان باولو (29) كيلو متر على ذات طريق مزرعة الميماس، وتبعد عنها سبعة كيلو مترات، فيها الكثير من أشجار البرتقال والتفاح واليوسف أفندي والإجاص والعنب والتين، واعتني بتربية الدواجن والنحل والأرانب، وفيها بيوت منتظمة للاصطياف وسكن العمال.
وقد صفَّى الأخوان أعمالهما التجارية بعد أن أثريا بفضل جدهما وعصاميتهما وأمَّنا لأنجالهما العمل الحر واتخذا مكتباً لتأمين أعمالهما الخاصة واستقبال الزوار.
* * *