جاري التحميل

توفيق ديمتري خماسمية

الأعلام

توفيق ديمتري خماسمية([1])

العصامية والنبل في أسرة المرحوم توفيق ديمتري خماسمية

انحدرت أسرة خماسمية من أصل حمصي، وهي قديمة العهد، أنجبت أفاضل الرجال لهم مكانتهم المرموقة في المجتمع الحمصي، وقد أنجب المرحوم ديمتري خماسمية أربعة أولاد، وهم المرحومين توفيق وحافظ، وسليم تاجر في سان باولو، وراغب أستاذ في حمص، ويختص الحديث بسرد حياة العصامي الكبير المرحوم توفيق خماسمية وأسرته.

نشأته: ولد الفقيد في مدينة حمص في العشرين من شهر شباط سنة 1872 ميلادية، توفي والده وهو صغير السن فعاش يتيماً، تلقى دراسته على أعلام عصره، وخدم العلم فكان مدرساً مدة سنتين في المدرسة الأرثوذكسية، ورفيقه المرحوم العلامة الخوري عيسى العاقل.

زاول التجارة فأسس معملاً صغيراً للنسيج القطني في حمص ونجح في عمله.

هجرته: ولما كانت حمص مدينة صغيرة إذ ذاك فقد رأى بثاقب بصيرته أن ميدان التجارة ضيق الأرجاء، فذرف دمع الفراق وهاجر منها إلى البرازيل، فوصلها في 5 كانون الأول سنة 1895م، يحدو قلب هذا العصامي الفياض بالطموح فضائل الأخلاق والصدق والنشاط، واشتغل في محيط مواهبه وأمانيه في التجارة البدائية، ثم توسعت أعماله فأسس محلًّا في مدينة كارلوس، وبعده في مدينة فيسكوندي بنيال، وبعد ثلاث سنوات نقل إلى سان باولو، وبارك الله في جهوده فكان تاجراً كبيراً تنظر الجالية إليه بعين التقدير والإجلال، موفور الكرامة،مخلصاً في نواياه، قوي العزيمة والإرادة، ذا تأثير روحي في توجيه أفراد الجالية وإرشادهم إلى الفضيلة والكمال. وهو من القافلة المغتربة الأولى، وقد اكتسب كثير ممن سعدوا بالخدمة في محله من سجاياه الفاضلة، فساروا على خطته، فأصبحوا في ثراء وسعادة.

مآثره الاجتماعية: وبعد كفاح أربعين سنة في ميدان الكسب والتجارة آثر الراحة، وعهد إلى أنجاله بإدارة أعماله التجارية الكبرى، فكانوا أكفياء مخلصين مطيعين، وقرت أعين الوالدين بمسراهم القويم، (والولد سر أبيه).

لم يتدخل رحمه الله في أمور السياسة، بل اتجه إلى ما هو أسمى وأنبل، إلى الخلود في حياته ومماته بمبراته وهباته الوافرة إلى الأعمال الخيرية والإنسانية، وقد كان في طليعة المخلصين لوطنهم وقوميتهم وللمجتمع، لا يفرق بين العوارض الإقليمية والمذاهب.

وثقت الجالية بأمانته وورعه فعهدت إليه بوكالة الكنيسة من سنة 1913م إلى 1938م، وكان الحارس الأمين على صندوقها من سنة 1925م حتى وفاته، وكان رحمه الله عراب بناية النادي الحمصي الشرقي عند تدشينه في سنة 1945م، واختيرت عقيلته الفاضلة السيدة حسيبة بلان عرابة شرقية، وترأست جمعية اليد البيضاء صاحبة ملجأ العجزة.

انتخب عضواً في المجلس الملي للكنيسة الأرثوذكسية في سان باولو منذ سنة 1904م، وساهم في مساعدة الجمعيات الخيرية في المهجر والوطن، وأوقف بيتاً يصرف ريعه على الجمعيات الخيرية والأدبية.

تكريمـه: وبمناسـبة مرور خمسـين سـنة على هجرته أقام النادي الحمصي بالاشتراك مع الجالية السورية في سان باولو حفلة تكريمية كبرى لثلاثة من المحسنين الخالدين، وهم أسعد عبد الله حداد، ونجيب سالم، وتوفيق خماسمية، رحمهم الله.

وفاته: وافاه الأجل المحتوم في بيته الريفي بمدينة سانطوس في اليوم السادس من شهر تموز سنة 1938م، فعم الأسى والحزن، وأغلق النادي الحمصي أبوابه يوم الدفن حداداً عليه، وارتقت روح هذا المحسن الأريحي إلى الأخدار السماوية لتحظى بتمجيد خالقها مع الأبرار، وأقامت المؤسسات الخيرية التي أغدق عليها عطفه ومبراته السخية قداديس كثيرة على روحه الطاهرة، وأفاض الخطباء والشعراء بمناقبه ومآثره.

أسرة الفقيد: وفي عام 1900م اقترن بالآنسة الفاضلة حسيبة بنت بولس بلان الحمصية، وهو أول حمصي تزوج في البرازيل، وأنجب السادة: بهيج، ديمتري، أولغا، المرحوم الدكتور برازيلو، الدكتور المهندس باولو، الدكتور بيدو.

*  *  *

 



([1])   (أ) (1/ 161).

الأعلام