جاري التحميل

جبرائيل الدلال

الأعلام

جبرائيل الدلال([1])

(1836 ـ 1892م)

أصله ونشأته: هو المرحوم جبرائيل بن عبد الله الدلال، ولد في حلب في الثاني من شهر نيسان سنة 1836م من أسرة عريقة في العز والجاه، وفقد أباه صغيراً، فاعتنت شقيقته مادلينا بتربيته، ثم تلقى دراسته في مدرسة عين طورا بلبنان، وبعدها في مدارس المرسلين بحلب، وانكب على الفنون العربية ودرس آثارها، فكان من أوسع أهل وطنه معرفة بآداب العرب.

رحلاته: سافر إلى الأستانة وتعلم فيها اللغة التركية، وتجول في أوروبا وبلغ إسبانيا والبرتغال وبلجيكا وبلاد الجزائر، ثم استقام في باريس فحرر مدة صحيفة (الصدى) لسان حال السياسة الفرنسية، وصار ترجماناً لوزارة المعارف، وتعرف في منصبه بكثير من أهل الوجاهة والقادمين إلى باريس، ثم استدعاه الوزير التركي خير الدين إلى استانبول لينشئ فيها جريدة السلام، ولم تلبث أن ألغيت بعد استقالة الوزير، فطلبه المكتب العلمي في فيينا عاصمة النمسا ليدرس العربية في كليتها، فأقام مدة سنتين وصنف هناك بعض المصنفات، منها رسالة في ملخص التاريخ العام ورسالات لغوية.

عودته إلى وطنه: وبعد غياب عشرين سنة عاد إلى وطنه سنة 1884م، وافترى عليه الحساد فعكروا صفو حياته وسئمت نفسه الإقامة في حلب، فرحل عنها إلى مدينة بيروت، ثم أعاده وزير المعارف منيف باشا إلى حلب وعينه بإحدى وظائف مجلس المعارف، وأسند إليه تدريس اللغة الفرنسية في مدارس الحكومة إلى أن اتهم بتأليف وطبع قصيدة العرش والهيكل، فعزل من منصبه وسجن حتى فاجأته المنية.

وكان يقتني مكتبة نفيسة، وقد بيعت بعد وفاته، ووقع في أيدي الكثيرين من آثاره.

محنته: كان المترجم رحمه الله عليماً بما تقتضيه بلاده من الإصلاحات، ففرط منه بعض أقوال نقلت إلى ذوي الأمر، واستغل الموقف خصومه فوشوا به إلى الحكومة بأنه من أنصار الحرية مستشهدين بقصيدة كان نظمها في باريس سنة 1864م بعنوان العرش والهيكل، ومطلعها:

عسرت لك الأيام في تجريبها

وسرت بك الأوهام إذ تجري بها

ومضت أويقات الهنا وتلاعبت

أيدي سبا ببعيدها وقريبها

فإلام تعرض ناسياً ذكر البلى

وعلام تغريك الحياة بطيبها

واللمة الشمطاء تنذر  بالفنا

وتشيب صفو صفائنا بمشيبها

ولى الشباب وأخلقت أثوابه

وا حسرتي لنضيرها وقشيبها

وتقع القصيدة في (152) بيتاً.

مواهبه: كان رحمه الله شاعراً مبدعاً وناثراً ألمعيًّا، شديد الولع بالغناء، عارفاً بفن الموسيقى والرسم، وله قدود وموشحات بديعة، عليماً بالجغرافيا والتاريخ، وله إلمام بالعلوم الرياضية والفلسفة والطب. وفي أثناء إقامته في مرسيليا توفيت قرينته فرثاها بقوله:

لي حالة يكتمها تجلدي

 

إظهارها يصدع قلب الجلمد

 

قد شرد الغم جناني بالأسى

وقيد الهم لساني ويدي

فباطن تبكي له أحبتي

وظاهر يضحك منه حُسدي

وما جرى نفي الكرى وفي الورى

بعد الذُّرى عدتُ أُرى في الوبد

من محنتي وفكرتي ولوعتي

تجلدي تسهدي تنهدي

وهمتي تأبى الخمول فترى الـ

ـمجد مقيمي والقضاء مقعدي

على شبابي والبلاء والفنا

وا حسرتي وا حزني وا كمدي

وفاته: وفي 24 كانون الأول سنة 1892م توفي بعد أن بقي سجيناً مدة سنتين، ودفن بحلب.

*  *  *

 



([1])   (أ) (2/ 25 ـ 26).

الأعلام