جاري التحميل

جبران البندوق الحمصي

الأعلام

جبران البندوق الحمصي([1])

العصامي النبيل المرحوم جبران البندوق الحمصي

ولد المرحوم جبران بن عيسى بن نعمة الله البندوق في حي جمال الدين بحمص سنة 1879م، ودرس مبادئ اللغة العربية في المدارس الأرثوذكسية، ترك الدراسة في صغره واشتغل بالتجارة، وفي سنة 1905م اقترن بالآنسة الفاضلة السيدة ذكية بنت جرجس عبود من حمص.

هجرته: وفي سنة 1899م هاجر إلى البرازيل فاستوطن سان باولو وتعاطى التجارة، كان رحمه الله شريكاً للسيد بشارة المحرداوي في أعماله التجارية، ثم انفصل عنه واشتغل مع أولاده في مصنع أسسه لإخراج الكلسات.

مواهبه: حضر هذا العصامي رحمه الله تعالى إلى البرازيل وليس لديه مادة تساعده في الحياة، وكانت تجيش في صدره نزعة أدبية لاهبة، فقد تتلمذ على الأستاذ المرحوم نعوم اللبكي صاحب جريدة المناظر، ودرس عليه قواعد اللغة العربية حتى أصبح منشئاً وخطيباً وشاعراً ينظم في المناسبات الواقعية، ذا حافظة قوية لأشعار العرب، يتذوق الشعر بطريقة خاصة. وتجلَّت مواهبه في الأوساط الاجتماعية فكان من أهل الحل والربط للمشاكل التجارية والعائلية بين الجالية، ذا وجاهة ومكانة، كريماً وفيًّا، عظيماً في هيبته ووقاره، وطنيًّا في عقيدته القومية، نبيلاً، محترم الرأي، مخلصاً، متجرداً عن الغايات.

مآثره الاجتماعية: كان رحمه الله مثالًا يقتدى في مناقبه الحميدة ومآثره الجليلة، اشترك في تأسيس الرواق المعري، وكان ندوة أدبية لكبار الأدباء أمثال أسعد خالد واللبلكي وأنيس الراسي، وهو أستاذ في الجامعة، وقد اكتسب من هذه الندوة ومحاضراتها العلمية ثمرات أدبية كبرى، وكان لهذا الرواق المعري تأثير بليغ في مراحل حياته الأدبية.

كان أحد أعضاء الجمعية الحمصية الوطنية، ومن مؤسسي المدرسة لتعليم اللغة العربية مجاناً إلى أبناء الجالية السورية.

ساهم في كافة المشاريع الخيرية التي لها علاقتها بالوطن والمهجر. ولما أسس النادي الحمصي في سنة 1920م ساهم في وضع نظام  أساسي وانتخب رئيساًله لأول مرة، ثم أعيد انتخابه ثلاث مرات، وبعدها ترك الرئاسة باختياره لدورتين حتى يتسنى لغيره استلام الرئاسة، ويدل هذا العمل على نبل أخلاقه وتواضعه وبعده عن  الأنانية.

حنانه إلى الوطن: وفي سنة 1913م رجع إلى سورية لأول مرة وأخذ ولده الشاب النبيل السيد جورج إلى حمص ليعلمه اللغة العربية، ومكث بضعة أشهر، ثم عاد للمرة الثانية إليها سنة 1947م مع ولده هذا، ومكث مدة سنة، وساهم في مشروع توسيع مدرسة حمص الأرثوذكسية بتبرعاته السخية. ثم عاد إلى البرازيل واستراح من عناء الأسفار والأعمال التجارية.

وفاته: وفي 28 نيسان سنة 1953م هبت رياح المنية، فتوفي مأسوفاً على أخلاقه الفاضلة ووطنيته المثلى إثر إصابته باحتقان الدماغ بعد مرض طويل دام عشرة أشهر، ودفن في سان باولو، وأعقب ولدين هما السيدان جورج وإميل.

السيد جورج: ولد في سان باولو سنة 1906م، ودرس في الكلية الأرثوذكسية، رجع إلى حمص صغيراً برفقة والده مرتين، وفي سنة 1924م عاد إلى البرازيل وبقي فيها إلى سنة 1947م، ثم زار وطنه مرة ثانية وعاد إلى عمله، فاشتغل أولًا مع المرحوم والده ثم أسس معملاً للكلسات والقمصان. وفي سنة 1951م اقترن من السيدة سعاد  بنت السري الحمصي الكبير السيد ميخائيل أورفلي، وهي حمصيةالمولد،  أرجنتينية النشأة، وأنجب والدين جبران وحياة.

خدماته العامة: أصدر جريدة سورية الجديدة من سنة 1937م إلى 1940م بشراكة الفاضلين السيدين فؤاد وتوفيق البندوق، وكان السيد جورج مديرها المسؤول وصاحب امتيازها، ثم استقل بالمطبعة لوحده مع شقيقه الأديب السيد إميل.

وفي سنة 1928م دخل  السيد جورج في إدارة النادي الحمصي، ولم يترك الإدارة إلا في أيام غيابه في السفر، وكان في أغلب الدورات خازناً للنادي ومديراً للمكتبة مدة عشرين سنة. واشترك في جمعية الرابطة الوطنية، وكان خازنها في عهد رئيس تحريرها الدكتور المرحوم خليل سعادة، وغايتها محاربة الاستعمار والعمل  للوحدة السورية، وكان خازناً لجمعية كتلة الدفاع الوطني السوري، وغايتها جمع الأموال لشراء الأسلحة ومؤازرة الأعمال الوطنية.

وهو من أعضاء الحزب القومي السوري العاملين، وكانت جريدته لسان سورية الجديدة لسان حال الحزب السوري القومي.

السيد إميل: ولد في سان باولو سنة 1909م ودرس في حمص  سنة 1921م وكان الوحيد الذي نال شهادة البكالوريا السورية بتفوق ممتاز من الكلية السورية الأرثوذكسية، واشتغل في البنك السوري اللبناني في حمص بعد تخرجه.

وفي سنة 1934م التحق بوالده وشقيقه واشتغل معهما في التجارة، وهو الآن شريك شقيقه في دار الطباعة والنشر العربي، وهي من المطابع الحديثة المستوفيةلكافة شروط الطباعة.

وقد تمت خطوبته على الآنسة هند كريمة الوجيه الحمصي المعروف السيد بهيج لوقا في الأرجنتين.

كان المؤلف خلال رحلته إلى البرازيل يتردد على مكتب الأخوين الفاضلين السيدين جورج وإميل، ورأى منهما كل مناصرة ووفاء في مشروعه الأدبي، واستعان بالمكتبة النفيسة التي يقتنيانها، ولما كان الولد سر أبيه فقد سارا على خطا المرحوم والدهما بوطنيتهما وأخلاقهما الحميدة، وهما مفخرة الشباب الحمصي في المهجر.

*  *  *

 



([1])   (أ) (1/168 ـ 169).

الأعلام