جبران التوماني الحمصي
جبران التوماني الحمصي([1])
العصامي النبيل السيد جبران التوماني الحمصي
ولد السيد جبران بن قبلان جبران بن مطانوس التوماني بحمص سنة 1899م، وأسرة التوماني حمصية قديمة العهد، وقد أنجبت أفاضل الرجال.
نشأ المترجم في مهد العز والكرامة، وعني والده بتثقيفه وتهذيبه فكان من خيرة الشباب الذين يفتخر بذكائهم وأخلاقهم الفاضلة، تلقى دراسته في مدارسالآباء اليسوعيين، ثم ثابر على مدارس المراسلات فاستفاد وأصبح متمكناً في قواعد اللغتين العربية والفرنسية. وهو أديب وخطيب وناثر بليغ.
وفي سنة 1914م انتسب إلى مصلحة السكة الحديدية، وتفوق على أقرانه بنباهته وإخلاصه فتوصل إلى أعلى المراتب.
وفي سنة 1926م عين مفتشاً عامًّا في السكك الحديدية، ومما يذكر له بالإطراء والثناء أنه خدم بلاده بتخفيف وطأة المجاعة بفضل التسهيلات التي كان يقدمها لشحن المواد الغذائية في ظرف كانت مقدرات المصلحة في قبضة الجيش التركي، إلا أن تصرفاته الحكيمة كانت كفيلة لتأمين الغاية المتوخاة، فلمع اسم جبران التوماني في الأوساط كرجل ذي مروءة ونجدة.
وفي شهر آذار سنة 1916م اقترن بالآنسة الفاضلة عفيفة بنت عازار الخوري المهندس الطرابلسي الأصل، ووالدتها حمصية من أسرة (فركوح) المعروفة، وهي من النساء الفاضلات بثقافتها وحسن تدبيرها.
وفي 3 تشرين الأول سنة 1926م استقال من الخدمة وهاجر مع عائلته إلى الجمهورية الشيلية في أمريكا الجنوبية، ولامه الكثير من أصدقائه لتركه العمل وهو يتقاضى أكبر راتب في ذاك العهد، وله مكانة مرموقة في الأوساط الاجتماعية.
كان شقيقه ميخائيل يتعاطى الأعمال التجارية في الشيلي مشاركاً في معمل لصنع التخريم والتطريز، ودارت الأيام فإذا بالمترجم يصبح بفضل ثقافته وسعة مداركه ونشاطه من الأثرياء الموفقين.
وفي 27 نيسان سنة 1927م أنجب جورج ثم آرشي ومايديرا، ولما أخذ ولده الذكي جورج شهادة البكالوريا أسس له معملًا للتخريم في سان باولو، واشترى بيتاً يقع في أجمل بقعة في هذه المدينة التي تزدهر في جميع مرافقها بسرعة فائقة.
التمثيل السياسي: ولما كان السيد جبران التوماني معروفاً من الشعب والحكومة الشيلية فقد رغبت الاستفادة من مواهبه عن طريق التمثيل الديبلوماسي، فعينته قنصلاً لها في دمشق ولبنان، فحضر في سنة 1953م إلى سوريا وباشر عمله مدة، ثم استأذن وعاد إلى سان باولو في البرازيل، ومنها سافر إلى الشيلي، فعرض على أولي الأمر فيها ما يتعلق بشؤون السلك القنصلي، وبالرغم من كثرة أشغاله الخاصة فإن الحكومة الشيلية تثق به ولا تستغني عن خدمات هذا القنصل الذي مثل مصالحها بكل تجرد وإخلاص، فكان خير رسول لها ولأمته ووطنه.
لقد اجتمع المؤلف بالمترجم الفاضل في مدينة سان باولو أثناء رحلته إلى البرازيل، واحتفى به نظراً للصداقة القديمة التي تربطهما من عهد الصبا، وناصره في مهمته الأدبية، فكان من أنبل العناصر إخلاصاً ورعاية ووفاء للمؤلف.
يملك السيد جبران عقارات كثيرة في الشيلي، ويملك مع شقيقه عدة مصانع للحرير والتخريم والتطريز.
وهكذا ترى أن السوري وخاصة الحمصي يسير إلى العلاء والمجد والثراء بحسن إدارته وذكائه الفطري في طليعة المغتربين النابهين.
وفاته: تلقيت بمزيد الأسى والأسف نعي المواطن العزيز ورفيقي الوفي قبل أن يغترب إلى المهجر فقيد الوطنية والمروءة المرحوم جبران توماني، وذلك بعد أن أنهيت من طبع ترجمة حياته، فقد طواه الردى في مدينة سان باولو البرازيل وهو في سنة الكهولة المبكرة، فعز على أسرته وأصدقائه ومعارفه هذا المصاب الأليم، وخسر الوطن بفقده عنصراً كريماً وركناً وطنيًّا مخلصاً من أنجب أبنائه في المهجر. وإني إذ أشاطر أسرته الأسى والحزن بفقده لأضرع إلى الله أن يخلفه ولده الوحيد النجيب في سجاياه المثالية.
* * *