جاري التحميل

جميل الإدلبي

الأعلام

جميل الإدلبي([1])

البلبل المرحوم الشيخ جميل الإدلبي

أصله ونشأته: هو المرحوم الشيخ جميل بن السيد محمد الإدلبي، من عوائل دمشق القديمة المشهورة، ولد بحي الميدان بدمشق 1878م، ونشأ بكنف والده، ولما بلغ سن الرشد تلقى العلم عن الأستاذ الكبير الشيخ عارف المنير، والعلامة الشيخ أبي الخير الميداني، وتعلم القرآن الكريم غيباً مع أحكامه وتجويده على الشيخ محمد سليم الحلواني شيخ قراء دمشق، فكان قارئاً مجيداً مشهوراً.

فنه: كان رحمه الله ذا صوت ندي شجي، تلقى علم الموسيقى عن المرحوم العلامة الشيخ عبد الرزاق البيطار فبرع به، وحفظ الكثير من الأدوار والموشحات من الأجواق المصرية التي كان تؤم دمشق في عهده، كثير الاختلاط بالفنانين والشعراء والأدباء.

رحلته إلى مصر: سافر المترجم إلى مصر فتعرف على أشهر فنانيها، فأعجبوا بصفاء صوته، وشرع بتسجيل صوته على الأسطوانات، فأصابها بعض الأخطاء الفنية بتشويش مقصود من الفنان المصري المرحوم عبد الحي حلمي، فارتاع المترجم لفشله بعد جهود فنية مضنية، فحزن وانشقت عينه من شدة التأثر والغم، ولما عاد إلى دمشق وهو على هذا الوضع قابله أهلها بالعطف والتكريم لما اتصف به رحمه الله من الأخلاق الحميدة والبعد عما يشينه.

ومن أوصافه أنه كان جميل المحيا كاسمه، وفيًّا صادقاً، يكره التملق والرياء.

ومن أطرب القطع التي كان ينشدها من نغمة البياتي الشورى هذه القصيدة البديعة:

تقضى زمان لعبت به

بروح الحسان ذوات الحور

فمالت علي وهمت بها

غراماً يذيب الفؤاد الحجر

كان المترجم يهيم بفن المرحوم الشيخ يوسف المنيلاوي الفنان المصري المشهور، ويقلد طريقته في الإنشاد، ويحفظ أكثر ألحانه، ويلقيها في حفلاته فتلقى الإعجاب والاستحسان.

وفاته: لقد انتشرت الحمى التيفوئيدية خلال الحرب العامة الأولى في البلاد فكان المترجم أحد ضحايا، فأودت بحياته عام 1917م وهو في ريعان الشباب قبل أن يكمل سن الأربعين من حياته، ودفن بمقبرة أسرته في باب الصغير بحي الميدان، وأعقب أولاداً صغاراً كفلتهم أمهم فأحسنت تهذيبهم، فنشؤوا على الطاعة والأخلاق الفاضلة، ونالوا من الحياة مبتغاهم من العز واليسر.

*  *  *

 



([1])   (أ) (1/ 267).

الأعلام