حسن حسني السطوبراني
حسن حسني السطوبراني([1])
(1846 ـ 1897م)
أصله ونشأته: هو حسن حسني عارف بن حسن سهراب بن محمود بن مسيح ابن علي باشا الكبير أحد أمراء الأتراك في مقدونيا، وهو من مهاجري الأتراك في الروملي، وقد هاجرت أسرته منذ ثلاثة قرون واستطونت بلدة (طوبران)، وكانت من أمرائها، وتكنت بـ (طوبران)، هاجر جده إلى مصر سنة 1838م.
ولد المترجم في مصر في 6 ذي القعدة سنة 1266ﻫ ـ 1846م، وتوفي والده وهو صغير السن، فعنيت والدته العربية الأصل بتثقيفه، ولما بلغ الثالثة عشر من عمره أكب على تحصيل العلوم العربية، فنظم قوافي الشعر العربي وهو في الخامسة عشر، واشتهر بالشعر والإنشاء والتأليف، واشتغل بالحكمة الدينية والأخلاق والفنون السياسية وغيرها.
مراحل حياته: وفي سنة 1874م سافر إلى وطنه الأصلي لاستخلاص أملاكه وأوقاف أسلافه، وقام بسياحة في البلاد، ثم عاد إلى مصر ومكث فيها برهة، ودعتـه الظروف فقصـد الأسـتانة سـنة 1880م وتعرف على أدبائها وشعرائها وأفاضلها، فاشتهر بفصاحة لسانه وبلاغة شعره وإنشائه، وأخذ يحرر في صحفها الشهيرة من عربية وتركية. وأنشأ في عام 1884م مجلة (الإنسان)، ثم حولها إلى جريدة فعاشت خمسة أعوام، ثم عاد إلى القطر المصري وأصدر جريدة النيل، ومجلة الشمس، ومجلة الزراعة، ومجلة المعارف، وكتب في مجلة المهندس وغيرها.
كان حر الطباع، حاد المزاج، قضى عمره بخدمة الدين الإسلامي وإعلاء شأن المعارف، لا يتزلف لكبير متمول، ولا يرضخ لعدو، وقد كافأه السلطان على خدماته، فمنحه رتبة ميرميران وبعض أوسمة الافتخار، كان ذميم الخلق، قبيح المنظر، غائر العينين، مستطيل الوجه، نحيف الجسم، متراخي الأطراف، تبدو على وجهه سيماء الوفاة، وبين تضاعيف قلبه الحياة.
مؤلفاته: لقد ترك آثاراً كثيرة، منها: 1 ـ ثمرات الحياة، وهو ديوان شعر في مجلدين، 2 ـ طوالع الأماني، 3 ـ لواحق الثمرات، 4 ـ شطحات القلم، وهذه كلها دواوين شعر، 5 ـ مصابيح الفكر في السير والنظر، 6 ـشمس المشرق في سماء المنطق، وهو مطبوع، 7 ـنور العيون، وهي رسالة زجلية، 8 ـ قصة الوارث ابن تارك، 9 ـ إرشاد الخليل في فن الخليل، 10 ـ عصمة الجماعة في وجوب الطاعة، 11 ـ حجـة الكـرام فـي علـم الكـلام،12 ـ عصمـة الإسلام في فضل الإمام، 13 ـ يوم الدهر في أحوال مصر، 14 ـ سرُّ القدر، 15 ـ منازه الأحباب في جنان الآداب، 16 ـ كتـاب الوطـن، 17 ـ النشـر الزهـري فـي رسائـل النسـر الدهري، 18 ـ الإنصاف في حقوق الأشراف، 19 ـ فلسفة الأخلاق، 20 ـ التذكار في التوحيد، 21 ـ البديع في البديع، 22 ـ السيف القاطع والنور الساطع، 23ـ ارتياح الجنان بأرواح الجنان، 24 ـ رسالة التوحيد، 25 ـ مطية الحقيقة، 26 ـ مجمع الرسائل، 27 ـمعراج الأخلاف لمنهاج الأسلاف، 28 ـ بهجة الكرام في محجة أهل الإسلام،وعدة رسائل باللغة التركية، ومؤلفات كثيرة.
شعره: وهذا نموذج من شعره البليغ، ومنه يدرك القارئ مدى مواهبه وعبقريته، ومن أحسن نظمه قوله:
إن الحياة وطيبها ونعيمها | مما يؤملُ في الزمان ويُعشق |
غاياتنا فيه بداية غيرنا | كالشمس مغربها لغيرك مشرق |
وقال في الحماس:
خلقتُ للسيف والقرطاس والقلم | فالدهر عبدي وأهل الدهر من خدمي |
لا تنثني هممي عن نيل محمدة | ولا تردُّ على رغم العدا كلمي |
تنزهت شيمي عن كل شائبة | وبذخت فاعتلت هام العلا قدمي |
وقال يشكو الدهر والحياة:
ذكرتُ بلقيسَ نفسٌ فارقت سبأ | فبتُّ أطلب من عرش الهوى نبأ |
فيا لهدهد آمال تحملها | رسالة من سليمان السني ونأى |
علمت منطق طير الروح يصدح في | روض من الفكر تصبي لبَّ من صبأ |
والدهر ألقى على كرسي المنى جسداً | عالجته بالنهى دهراً فما برئا |
ورأى حالة المجتمع وأن التوفيق حليف أهل النفاق، فقال يصف ذلك وقد أبدع:
بحثت عن علة التأخير في زمني | والجدُّ من شيمي والمجدُ يعرفني |
وقلت يا قوم ها نطقي وها قلمي | كلاهما شاهدي في السر والعلن |
فأي ذنب به الدنيا تعاقبني | وأي نقص سوى فضلي يؤخرني |
فقيل إن العلى أخطأت سلمها | إذ لم تكن ذا نفاق للورى ودني |
وعادة الدهر أن يصفو لجاهله | ولم يزل كدراً للماجد الفطن |
وفي أواخر شهر حزيران سنة 1897م توفي في الأستانة، فرثاه الشاعر الكبير ولي الدين يكن، وفي أثناء دفنه ارتجل أحد أصدقائه تاريخاً له فقال: (غفر له)، فجاء مطابقاً لسنة وفاته بحساب الجمَّل.
* * *