جاري التحميل

حسين بيهم

الأعلام

حسين بيهم([1])

الحاج حسين بيهم

(1833 ـ 1881م)

مولده ونشأته: هو المرحوم الحاج حسين بن السيد عمر بن السيد الحسين بيهم العيتاني، ولد سنة 1833م في بيروت، وينتمي إلى عائلة جمعت كرم المحتد إلى الوجاهة والثروة وحب الأعمال الخيرية، كان منذ حداثته كلفاً بتحصيل المعارف، والاجتماع بأهل الأدب والفضل، فقرأ على جهابذة زمانه وزاول التجارة حيناً يسيراً، ثم نزع إلى العلم فبرع بفنون الإنشاء على اختلافها.

شعره: نظم الشعر فصارت له به ملكة راسخة، حتى كان يرتجله ارتجالًا في محافل الوزراء والكبراء والأدباء، فيأتي بالنادرة الغريبة التي كانت تسير سير المثل، وكان قديراً بنظم التواريخ الشعرية، ومن لطيف شعره ما قاله في كأس فضة مؤرخاً:

يا من يريد شراباً حلَّ موردُه

أو شرب ماء ليطفي حرَّ غصته

اشرب هنيئاً بكأسٍ راق منظره

يحكى صفاتك أرخنا (بفضته)

مكتبته: كان حريصاً على اقتناء الكتب النادرة حتى جمع مكتبة عظيمة، وهو لا يمنع طالباً من إعارة ما يريده منها، فكان الكتاب يبقى لدى المستعير أعواماً وربما تناساه.

خدماته: تقلد وظائف شتى في خدمة الحكومة، منها أنه عين عضواً في مجلس إيالة صيدا الكبير، ثم في (قومسيون فوق العادة)، وفي (محكمة استئناف التجارة)، وفي المجلسين البلدي والإداري، واشتهر بأصول السياسة والصلاح ومناصرة العلماء وإغاثة المحتاجين من أي مذهب كانوا.

وقد تولى رئاسة الجمعية العلمية السورية، وأنشأ لها مجلتها، واشتهر أمرها في عهده.

في مجلس النواب: وفي سنة 1878م انتخب نائباً في مجلس النواب العثماني، فذهب إلى الأستانة ونال حفاوة كبرى لدى وزراء السلطنة وأعاظم رجالها، وبعد عودته إلى بيروت اعتزل الوظائف وانقطع إلى الآداب والمطالعة وعمل الخير. ومنحته الدولة رتبة (باية إزمير الرفيعة)، وقد أدى لجمعية المقاصد الخيرية في بيروت خدمات جلى، وكان من مؤسسيها.

ومدح شاعر الشام المرحوم سليم قصاب حسن صاحب هذه الترجمة بهذه الأبيات، وهي تدل على سعة علمه وأدبه وفضله، قال:

لقد حدثوا عن بحر بيروت واكتفوا

بوصف حسين المجد من دونه الزهر

فلما رأيت البحر ثم رأيته

تحيرت واستشكلت أيهما البحر

فملت إلى التفريق بينهما فلا

ح لي من وجوه لا يحررها الحصر

فذا خطر عذب فرات له الوفا

وذا مخطر ملح أجاج له الغدر

وفاته: وفي 24 كانون الثاني سنة 1881م و 24 صفر 1298ﻫ انتقل إلى جوار ربه، ودفن في اليوم الثاني بمشهد حافل، وقد رثاه الشعراء بقصائد ضاعفت الأسف عليه والبكاء على خسارته، ودفن في ضريح والده، وممن رثاه المرحوم محمد طاهر الأتاسي مفتي حمص، قال:

أيا حاملين النعش كيف حملتم

من الفضل طوداً لا يوازنه العصر

ويا غاسليه ما دعاكم لغسله

أنغسله بالماء مع أنه بحر

وما دفنوه عند حد مقامه

فإن الثريا تشتهي أنها القبر

كأن بطون الأرض من ظلماتها

شكت فأتاها من منازله البدر

ورثاه الشاعر سليم قصاب حسن الشامي مؤرخاً وفاته بقصيدة بليغة طويلة نقتطف منها هذه الأبيات:

هوى الكوكب الدري من أفق العلا

فجر القضا ذيل الظلام وأسبلا

مصاب كسا بيروت برد حدادها

وحق لها بالحزن أن تتسربلا

لقد كورت في الرمس شمس حسينها

فأصبح منها الرسم في حيز البلا

وأرخ وفاته بقوله:

فقال بشير العوف تاريخه زها

حسين المعالي قرَّ في جنة العلا

1298ﻫ

*  *  *

 



([1])   (أ) (2/ 332 ـ 333).

الأعلام