حفني ناصف
حفني ناصف([1])
(1859 ـ 1919م)
مولده ونشأته: ولد سنة 1859م، وفي الحادية عشرة من عمره فرَّ من قريته إلى القاهرة طلباً للعلم، فالتحق بالأزهر وأكمل دراسته فيه، وقضى ثلاث عشرة سنة يدرس علوم العربية والدين، وكان شديد الميل للمطالعة، فما أضاع وقته في المجادلات كغيره، فكان راوية لأخبار العرب حافظاً أكثر تراث الشعراء، ويعتبر من أعلام النهضة الأدبية الحديثة.
في خدمة الدولة: ولما غادر الأزهر عين مدرساً في المدارس الرسمية، ثم عهد إليه بتدريس اللغة العربية والمنطق في مدرسة الحقوق، وأتاحت له ظروفه فدرس الحقوق ونال الشهادة، وعلى إثرها التحق بالقضاء، ودامت خدماته مدة عشرين عاماً، اشتهر بالعلم والتشريع، ثم نقل إلى وزارة المعارف فكان المفتش الأول للغة العربية.
آثاره العلمية: لقد ألف خمسة أجزاء في الصرف والنحو كانت تدرَّس في مدارس الحكومة، وألف بحثاً موضوعه (مميزات لغة العرب)، قدمه إلى مؤتمر المستشرقين في فيينا سنة 1886م، وجمع محاضراته التي كان ألقاها في الجامعة المصرية في كتاب سماه (حياة اللغة العربية).
شعره: هو من الشعراء المجيدين في هذا العصر، وقد بدأ بنظم الشعر وهو طالب في الأزهر، ولعله أكثر الأدباء اطلاعاً على آداب اللغة العربية، يميل في غالب شعره إلى المباسطة فيوردها بقالب جيد بديع، أما نثره فكثير التكلف في صياغته، يميل إلى السجع البديع، وله شعر كثير في الغزل والوصف والمدح، ومن شعره يصف البحيرة في جنيف بسويسرا:
سل المها بين إفيانٍ ولوزان | ماذا فعلن بقلب المغرم العاني |
إذ كنَّ في الفلك كالأقمار في فلك | يشرفن منه على ألعاب نيران |
فكم من الأرض سهم للسماء وكم | سهم تسدد لي من تحت أجفان |
يعلو البحيرة من نيرانها شرر | كزفرتي حين يجري مدمعي القاني |
يذهبن بالفلك أيماناً وميسرة | فيها ويَطرَبنَ من توقيع ألحان |
سرب يغنين بالأفواه مطربة | وثلة بربابات وعيدان |
والورق في الشاطئ الأدنى تجاوبها | تبدو أفانين شدو بين أفنان |
وله ثلاثة أبيات مشهورة بعنوان (ميراث الحكماء)، وفيها يعبر عن حسرته لأنه لم يستطع أن يخلف لأبنائه ميراثاً يكفيهم شر العوز، قال:
أتقضي معي إن حان حيني تجاربي | وما نلتها إلا بطول عناء |
ويحزنني أن لا أرى لي حيلة | لإعطائها من يستحق عطائي |
إذا ورَّث المثرون أبناءهم غنى | وجاهاً فما أشقى بني الحكماء |
وفاته: أصيب بمرض، وقد ضاعف مرضه شدة حزنه على وفاة كريمته الأديبة الشاعرة (ملك) الملقبة بـ (باحثة البادية)، فلحق بها بعد سنة، وكانت وفاته سنة 1919م.
* * *