خليل الخوري
خليل الخوري([1])
(1836 ـ 1907م)
أصله ونشأته: هو خليل بن جبرائيل بن يوحنا بن ميخائيل بن عبده الخوري، ولد في 28 تشرين الأول سنة 1836م في الشويفات من أعمال جبل لبنان، وانتقل به والده إلى بيروت فتلقى أصول اللغة العربية في مدرسة الروم الأرثوذكس، وزاولها حتى أتقنها، ثم تعلم اللغتين التركية والفرنسية على أساتذة مخصوصين فأجاد فيهما.
في الصحافة: وفي سنة 1858م أنشأ صحيفة (حديقة الأخبار) فكانت أول جريدة عربية صدرت برخصة رسمية، وكان من رجال النهضة الأدبية في القرن التاسع عشر بما وضعه من التآليف.
أدبه: نظم المترجم الشعر منذ حداثته، فنبغ في هذا الفن كما شهد له بذلك الشيخ ناصيف اليازجي في قصيدة مدحه بها وختمها بهذين البيتين:
يا هلالاً قد أرانا | في الدجى وجهاً جميلا |
سوف نلقى منك بدرا | كاملاً يدعى خليلا |
خلَّف هذا الشاعر المجيد ستة دواوين شعرية في مواضيع مختلفة بلغ مجموع أبياتها 10874 بيتاً، وهـي: 1 ـ زهـر الربـى في شعر الصبا، 2 ـ العصر الجديد، 3 ـ السمير الأمين، 4 ـ الشاديات، 5 ـ النفحات، 6 ـ الخليل، والديوان الأخير لم يطبع بعد، وقد نظم الشعر في أربعة أدوار حياته فتىً وشابًّا، وكهلاً وشيخاً، وشعره طبيعي منسجم من السهل الممتنع، وقد تناول في شعره الغزل والمديح والتهنئة والرثاء، وامتاز بمدح السلاطين حتى دعي (شاعر الدولة)، وقد نال الوسام المجيدي، وترجم بعض أشعاره إلى اللغة الفرنسية الموسيو رينو رئيس الجمعية الآسيوية في باريس، كان شاعراً مطبوعاً سيال القريحة، واسع الخيال، لطيف المعاني، رقيق الغزل، مكثراً من النسيب وإيضاح خفايا الحب ووصف وقائع المحبين، حتى سمي «قيس زمانه وجميل عصره»، وعُدَّ من مشاهير العرب الممتازين بالوصف الغرامي، وما خلا شعره من لمحات فلسفية وردت في بعض قصائده، وقد عزَّ الشعر بعدم استخدامه إياه وسيلة للاستجداء وجني المال.
ومن شعره البديع في الغزل:
ذهب العقل فمن يرجعه | وسطا العشق فمن يمنعه |
بدر حسن قد سباني حسنه | جل باري لطفه مبدعه |
شفني وجد به تيمني | حبه حيرني برقعه |
فأنا الآن معنى حائر | ليس تطفي ناره أدمعه |
أسرتني بالهوى الخود التي | سلبت رشدي فلا ترجعه |
غادة ذابت من اللطف كما | ذاب قلبي والهوى يصرعه |
نصفها ذاب من اللطف كما | ماس ذاك الخصر إذ تدفعه |
تتجلى بجمال وبها | ولها الحسن انتهى أجمعه |
عقرب الشعر على الفرق لوى | يجذب القلب كما يلسعه |
وجلا الصدر سني فجر على | مطلع الصبح علا مطلعه |
أنجم الأزرار دارت حوله | تمنع النهد ولا تمنعه |
ومنها:
مسها حر الهوى فانعطفت | لمحب مزقت أضلعه |
ثم مالت حينما خالجني | أملٌ عن فكرتي تنزعه |
أعرضت عني وقالت يا فتى | أنت لا تعلم ما تصنعه |
رح إلى أهلك عني إنما | أنت صبٌّ غره مطمعه |
مؤلفاته: ألف رواية تمثيلية، النعمان وحنظلة، وكتاب أخلاقي بعنوان (وي إذن لست بإفرنجي)، وضعه على أسلوب القصة وضمنه انتقاداً دقيقاً على الأخلاقوالعادات، و(خرابات سوريا)، وهو خطاب ألقاه في آذار سنة 1859م في الجمعية العلمية في بيروت، و(تاريخ مصر)، وضعه بإيعاز من سعيد باشا خديو مصر، وقد أكمله وقدمه للخديو إسماعيل فأجازه عليه بألفي جنيه، و(النشائد الفؤادية)، يتضمن ترجمة فؤاد باشا الصدر الأعظم مع القصائد التي نظمها له المؤلف، و(تكملة العبر)، عربه عن كتاب تاريخي، وهو تتمة لتاريخ ابن خلدون يتضمن اقتسام قواد الإسكندر الكبير ممالكه بعد وفاته، و(الكواكب العثمانية في تاريخ الدولة العلية)، وهو تاريخ شعري منقطع النظير يتضمن منشأ سلاطين آل عثمان وعلو شأن دولتهم، وهو من بحر واحد وقافية واحدة، وفيه ما يزيد على (3100) بيت، ومقتطف تاريخي من كتاب (روضة الأوائل والأواخر لابن الشحنة).
وبالنظر لعزة نفسه وعدم استجدائه بشعره فقد نال عدة جوائز مهمة أتحفه بها الملوك والعظماء.
خدماته: وبعد فتنة سوريا سنة 1860م عينه فؤاد باشا مأموراً بمعيته، وفي سنة 1865م فوضت إليه ولاية سورية بإدارة مطبعتها وجريدتها الرسمية، وفي سنة 1870م عين مفتشاً للمكاتب غير الإسلامية ومديراً للمطبوعات في ولاية سورية، وفي سنة 1880م عين مديراً للأمور الأجنبية، ومن مآثره أنه أنشأ الجمعية الخيرية الأرثوذكسية في بيروت.
قرانه: وفي سنة 1887م سافر إلى لندن فاقترن بتاريخ 4 آب بالسيدة ظافر بنت حبيب نوفل، وحفيدة موسى بسترس، وعاد العروسان إلى بيروت، وبعد مئة يوم من تاريخ قرانه أصيب المترجم بفقد زوجته وهي في الخامسة والعشرين من عمرها.
وفاته: وفي 29 تشرين الأول سنة 1907 توفاه الله، فأقيم له مأتم عظيم.
* * *