جاري التحميل

رزق الله حسون

الأعلام

رزق الله حسون([1])

المرحوم رزق الله حسون

(1825 ـ 1880م)

أصله ونشأته: هو المرحوم رزق الله بن نعمة حسون وهذه الأسرة أرمنية الأصل نشأت في بلاد العجم وقيل في ديار بكر، فجاء جده الأعلى وتوطن في حلب وانتشرت ذريته في البلاد، وبقي أحد أولاده في حلب وأنجب المترجم، ولد عام 1825م، وتعلم مبادئ القراءة وأتقن الخط على يد الشيخ سعيد الأسودالحلبي الشهير بجودة خطه وأتم دراسته في دير (بزمار) في لبنان، ثم عاد إلى حلب وكان والده غنيًّا فمارس التجارة.

نكبته: قصد الأستانة واتصل بفؤاد باشا الوزير المشهور ولما وقعت حوادث سنة 1860م جاء معه وقلده ترجمة أوامره فيها من التركية إلى العربية. ثم عاد معه إلى الأستانة فعينه في إحدى وظائف حصر الدخان، فاتهم بنقص فاحش في مال خزينتها ووشي به فسجن ثم هرب من السجن وطاف في كثير من البلاد.

في لندن: وكانت أكثر إقامته في لندن بإنكلترا، فلما امتدت به النكبة ويئس من العودة إلى بلاده شن على الحكومة التركية بقلمه غارات شعواء.

أنشأ المترجم جريدة مرآة الأحوال في الأستانة فكانت أول جريدة عربية فيها وكان يصف فيها حرب القرم ومواقعها التي جرت بين الروس والأتراك وأصدر مجلة عربية عنوانها (رجوم وغساق إلى فارس الشدياق) صاحب الجوائب على أثر ما وقع بينهما من عراك أدبي وخصام شديد ثم عطل مرآة الأحوال ونشر مجلة عربية طبعت في لندن سنة 1879م كانت تصدر كل خمسة عشر يوماً باسم (حل المسألتين الشرقية والمصرية) وهي أول مجلة عربية شعرية فاجتمع منها مجلد يقع في أكثر من ثلاث مئة صفحة.

آثاره: لقد ترك آثاراً أدبية كثيرة منها الجزء الثاني من الأعلاق الخطيرة في تاريخ الشام والجزيرة لابن شداد الحلبي المتوفى سنة 684ﻫ و1265م وهو موجود بخطه في المكتبة اليسوعية في بيروت، ثم التفت بعد ذلك إلى النسخ والاشتغال بتصحيح حروف الطباعة العربية في أوربا ومساعدة كثير من المستشرقين وبلغ ما استنسخه من نفائس الكتب أكثر من عشرين أهمها ديوان ذي الرمة، ديوان حاتم الطائي استنسخه عن نسخة قديمة وطبعه في لندن سنة 1872م في 33 صفحة، وديوان الأخطل، ونقائض جرير والفرزدق وصبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي والمنعم لابن درستويه والأناجيل المقدسة واحتفظت مكاتب روسيا وفرانسا وإنكلترا بمخطوطاته الأثرية لكثرة تردده لتلك البلاد وجاء حلب قبل وفاته بسبع سنوات متنكراً فتفقد مكاتبها واستنسخ منها بعض الآثار النادرة ثم عاد إلى إنكلترا التي اتخذ معظم سكناه فيها.

ومن أهم مؤلفاته ومطبوعاته كتاب (النفثات) وهو قسمان الأول تعريب قصص شاعر الصقالبة كريكوف التي وصفها على طريقة بيدبا الهندي في كليلة ودمنة ولافونتين الفرنسي في خرافاته عربها نظماً في (41) قصة تقع فيها (69) صفحة وفيها نخبة من منظوماته.

شعره: كان متبحراً في اللغة العربية وسائر فنونها مطلعاً على أخبار العرب، راوياً لأشعارهم، لا يرضيه غير شعر جاهليتهم كان أشعر ما يكون إذا تعرض للهجاء، وكان بصيراً بنقد أغلاط سواه كما ظهر مما كتبه في الرد على العلامة أحمد فارس الشدياق وسواه، على أنه مع رسوخ قدمه في معرفة اللغة العربية وشواردها وآدابها ووقوفه على كثير من نوادر كتبها في العلم والشعر فقد بدرت من قلمه في الشعر والنثر هفوات كثيرة.

وكتب من سجنه يستعطف الوزير فؤاد باشا فقال:

فؤاد يا ذا الملك عطفاً علي

غرسك يذوي في شقا محنته

إن لم تغث عبدك من ذا الذي

يحميه أو ينجيه من نكبته

ومنها:

ارحم عبيداً لك واستبقه

للولد المحبوب من مهجته

فوالذي حقق ظني بما

أرجو من الإنصاف أو رحمته

أمسيت في الحبس كفرخ القطا

من كرب الحزن ومن شدته

وفي سنة 1880 فارق الحياة.

*  *  *

 



([1])  (أ) (2/ 18 ـ 19).

الأعلام