روحية القليني
روحية القليني([1])
درست بمدرسة الأميرة فائزة الثانوية للبنات بالإسكندرية، وتخرجت من كلية الآداب قسم اللغة العربية بجامعة القاهرة سنة 1943م، لم تتزوج للآن، لأنها تؤمن أن الزواج لا يكون مصدر سعادة إلا بالتفاهم الروحي والعقلي والثقافي،وهكذا عاشت الشاعرة بعيدة عن الحياة ومشاكلها في ضباب الخيالات.
في الموصل: وانتدبت مديرة لمدرسة الموصل الثانوية بالعراق بعد التخرج مباشرة، ومكنت هناك سنتين، وقد اشتهرت في الأقطار العربية بمواهبها الشعرية الرائعة.
وقد فجعت بوفاة والدها الذي شجعها على قول الشعر ومنحها العطف والحنان فتناديه:
أبتي أنادي هل تجيب ندائي | رفقاً فكم عودتني إرضائي |
إني فقدتك والحياة مريرة | فلمن رجوعي إذ أحس شقائي |
والآن يا أبتي الحبيب أترتضي | هذا الفراق المر دون لقاء؟ |
وتحاول زيارة قبر والدها، ولكنها لا تقوى على ذلك ولا تتصور أن الثرى قد طواه فتقول:
زارتك كل الناس في القبر الذي | يطوي أعز الخلق والرحماء |
إلا أنا فعجزت يا أبتي ولم | أطق الثرى يطويك في الظلماء |
ديوانها: وأخرجت ديوانها الشعري وفيه قصائد شتى في مختلف المواضيع، وتقـول فـي قصيدتهـا الإنسانيـة «أنا للنـاس» وهـي تؤمـن بمبدأ (أنا للجميع) والجميع لي:
أنا للناس ما حييت وفاء | لحمة الحب مهجتي وسداه |
وابتسامي لهم على الرغم مما | عذّب القلب صبحه ومساه |
وحينما تسود الدنيا أمامها ومن خلال أحزانها ترى نفسها وحيدة في خضم الذكريات فتقول في قصيدة (شاعرة):
سيان عندي أن أكون وحيدة | أو أن جمعاً في الحياة أمامي |
في وحدتي لي من خيالي مؤنس | طاب الحديث له وطاب مقامي |
وهناك لا ترى الناس وتتلاشى أمامها كل المشاكل ولا تعود تسمع غير الألحان التي صاغتها عن أحلامها في وحدتها المقيتة، فتندفع لتعبر عن رأيها الصادق في الشعر فتقول:
ما الشعر إلا أغنيات صاغها | قلب يعذبه صدى الآلام |
ما الشعر إلا خفقة القلب الذي | قد هام بين سوانح الأحلام |
أما غزلها العاطفي فمعظمه رمزي، لأن التقاليد تمنعها من التصريح بمشاعرها الدفينة، فتراها تناجي الليل تارة والربيع تارة أخرى فتقول:
أنا يا ربيع كما أنا غض الهوى | قلبي بودك دائم الخفقان |
هلا مللت طوال هجرك للتي | تحيا بنورك في دجى الأشجان |
وتقول في قصيدة أخرى:
طال تفكيري وصمتي | ليت هذا الصمت يجدي |
هل ترى يفهم ما بي | أو ترى يرحم سهدي |
وحين يدركها التشاؤم، تنفرد عن الناس لتعيش في الماضي والذكريات فتقول:
سوف أقضي ما تبقى من حياتي | في صدى الماضي وحلم الذكريات |
وتخرج الشاعرة مرة أخرى إلى الحياة ويذهلها هذا التملق والرياء فتصف هذا الفساد بقولها:
فخرجنا لحياة ما بها | غير تقبيل الأيادي بانحناء |
ومن أبرز مزاياها كفاحها من أجل الحقوق النسائية بحماسة نادرة ومن قولها في ذلك:
وما نيل المطالب بالتمني | سنغتصب الحقوق مكافحات |
وتندفع الشاعرة في الحركة التحريرية وتصيح في الميدان الوطني فتقول:
سنرضع طفلنا عزًّا ومجداً | سئمنا العيش في ظل العداء |
سنحطم كل قيد ما حيينا | وندفع من يحيد كما نشاء |
والشاعرة كمدرسة تكره وظيفتها، لأنها تمنعها من الانطلاق وتقول: لو أن التدريس له صلة بالأدب لتركت التدريس.
* * *