جاري التحميل

أبو السعود مراد

الأعلام

أبو السعود مراد([1])
(1877 ـ 1942م)

أصله ونشأته: هو المرحوم أبو السعود بن محمد ضيف الله بن أحمد مراد، وأصل الأسرة من حمص، وقد أنجبت أفاضل الرجال، استوطن جده أحمد مراد دمشق منذ مئة وعشرين سنة، ولد في حي العمارة بدمشق سنة 1877م، وتلقى العلوم العربية على اختلاف أنواعها في حلقات الدراسة التي كانت تعقد في المساجد في عصره، وكان ذكيًّا نجيباً، نال إعجاب أعلام عصره.

وفي سنة 1907م انتسب إلى سلك التعليم، وكان أستاذ العلوم الدينية في مدرسة دار المعلمين بدمشق.

شعره: كان شاعراً متيناً في نظم القريض، يرتجل الشعر وينظمه في أي وقت أراد، وله ديوان شعر مخطوط، وفيه القصائد البديعة في مدح الرسول الأعظم التي سماها (السعوديات)، وقد طرق جميع أبواب الشعر من مدح ورثاء وغزل وتشطير وتخميس، واشتهر بالتواريخ الشعرية، فكان الأعزاء عليه من الناس يطلبون منه نظم التواريخ في شتى المناسبات، ومن بديع شعره تشطيره لامية ابن الوردي البكري، سماها الكوكب الدري، قال:

اعتزل ذكر الأغاني والغزل

واشتغل عنه بعلم وعمل

واقتفي الفضل وواصل أهله

وقل الفصل وجانب من هزل

ودع الذكرى لأيام الصبا

كيف لا والرأس بالشيب اشتعل

وانتبه وانظر لما أنت به

فلأيام الصبا نجم أفل

ومنها:

واهجر الخمرة إن كنت فتى

عاقلاً فهي وبال وخبل

وجنون مطبق وا عجبي

كيف يسعى في جنون من عقل

وعارض قصيدة كعب بن زهير الشهيرة فقال:

وافت سعاد وهدب العين مكحول

فصحَّ عنها الذي يرويه مكحول

تجر ذيل برود تحت معطفها

على المجرة يحلو فيه تذييل

كان أنيساً في مجالسه، يهوى مساجلة العلماء والشعراء، فطلب منه أحد الأدباء أن يمدح الرسول الأعظم، فارتجل قائلاً:

إلى معشر الأحباب أهدي قصائدي

بديعة نظم باللآلي تنضد

ولا غرو أن طابت لشاد وسامع

فممدوحها الهادي الرسول محمد


وبعد فترة عاد أحدهم فطلب المزيد من المدح فقال مرتجلاً:

قيل لي صف محمد المصطفى من

حبه فرض في جميع المذاهب

قلت والكائنات خير شهود

هو شمس ومنه كل الكواكب

وتطرق الحديث في مجلس عن الكرام فقال:

عن الكرام سألت الناس أين هم

وقلت وا عجباً أين المسرات

قالوا المسرات قد قلَّت بواعثها

والسادة الكرما أهل الندى ماتوا

كان ينظر إلى أولي الأمر في وزارة المعارف بعين السخط والأسى لحرمانه من الترفيع؛ لأنه من طبقة الشيوخ المحافظين، فقال يعبر عن شعوره وقد أجاد:

قالوا نرى اليوم أهل العلم من نبغوا

به ونالوا التقى في أخفض الرتب

فقلت ما ضرَّهم حقًّا وأخَّرهم

سوى ذقونهم والفضل والأدب

وكان مغرماً يالتنقل بين المصايف، يهوى مجالس الأنس والطرب الموصوفة بالحشمة والوقار، عليماً بالفن وأصوله، وله موشحات بديعة، وطلب إليه في مصيف الجرجانية أن يصف الفوارة فقال:

أحسن بفوارة تجري اللجين لنا

بشكلها كل آن يحسن النظر

مثل العروس تفوق الغصن قامتها

ليل الزفاف عليها تنثر الدرر

وفاته: كان تقيًّا، طاهر القلب، عظيم الهيبة والوقار، وافته المنية يوم السبت في 28 شوال 1361ﻫ الموافق 7 تشرين الثاني 1942م، وقد شيع جثمانه يوم الأحد ودفن بمقبرة الدحداح، وأعقب المرحوم عبد النبي، وقد توفي شابًّا عازباً، والسادة عبد الستار، ومأمون، وعادل.

*  *  *

 



([1])   (أ) (2/ 82 ـ 83).

الأعلام