سلامة حجازي
سلامة حجازي([1])
الشيخ سلامة حجازي
(1852 ـ 1917م)
مولده ونشأته: ولد الشيخ سلامة حجازي في قرية نائية تابعة للحجاز سنة 1852م لا كما ورد في تحقيق الموسيقار الأستاذ عبد المنعم عرفة، من أنه ولد بحي رأس التين بالإسكندرية، فقد كان والده ملاحاً من ملاحي السفن التجارية وإن أمه عربية من أهالي السلوم وتدعى (سلومة) وشاء القدر القاسي أن لا ينعم بحنان الأبوة، فقد توفي والده وهو في الثالثة من عمره وكان بعد أن ينهي دروسه في الصباح يذهب في المساء إلى دكان حلاق ليتدرب على مهنة الحلاقة، وقد حفظ القرآن الكريم وكان شديد الحرص على ملازمة القارئين وحلقات الأذكار محاولاً الاندفاع معهم وتقليدهم في إنشادهم، ولم يخطر على باله أنه سيقف على المسرح منشداً أو ممثلاً، وكان كغيره في ذلك الوقت يرى التمثيل بدعة مهينة ومهنته لا تليق بكرامة الرجل الشريف.
وعندما اقترح عليه بعض أقاربه العمل في التمثيل غضب وثار ورمى الممثلين بكل نقيصة.
مواهبه: ولما علا ذكره واشتهر بحسن صوته اعتزل مهنة الحلاقة وصار يؤذن في مسجد الأباصيري ثم مسجد أبي العباس ولما بلغت سنته الثانية والعشرين اقترن بفتاة من رأس التين وأنجبت له ولداً، ولما شبت الثورة رحل من الإسكندريةإلى رشيد وألف فرقة وهناك توفيت زوجته فعاد إلى الإسكندرية للغناء، وأفلح صديقه عبده الحمولي بإقناعه للدخول في فن التمثيل فكان أول دور مثله في رواية (مي) وهو دور (كورباس) مع الممثل سليمان الحداد، وقد مكث زهاء الخمس عشرة سنة في فرقة إسكندر فرح وبهر العقول بصوته، ثم انفصل عنه وألف فرقة تمثيل خاصة، سماها (دار التمثيل العربي) وقام بتمثيل روايات ألف أكثرها المرحوم الشيخ نجيب الحداد، وقد أمدها بنتاج عبقريته في التلحين والأداء وعني بتلحين (السلامات) الكثيرة فأجمع الناس على تفضيله في غنائه وتمثيله وأظهر نبوغاً وتفوقاً بروايتي (الطفلين الشريدين) و(ابن الشعب) فكان يهدي إلى الأسماع أنواع البديع من الأناشيد والألحان والعزف على عوده، ويعتبر الرائد الأول الذي وضع النواة الأولى للموسيقى المسرحية.
وقد عمل جاهداً حتى تحرر من قيود القصائد والتواشيح إلى أسلوبه الجديد المبتكر في الغناء المسرحي الحديث.
وقد ساعد الأستاذ جورج أبيض في تكوين فرقته التمثيلية وقام بتلحين التمثيليات التي قدمها وهي (لويس الحادي عشر) و(عطيل) و(أوديب الملك) فطارذكره فأعجب الخديوي بمواهبه فشجعه وأكرمه.
رحلاته: لقد قام بجولات فنية في البلاد العربية، فزار تونس فأنعم عليه باي تونس بوسام رفيع وأكرمه، وفي سوريا ولبنان تهافت القوم عليه بروائع عبقريته. وفي سنة 1908م زار حلب واتصل برجال الفن وأعجب برقص السماح.
مرحلة الألم والشقاء: وفي عام 1909م بدأت مرحلة الألم والشقاء في حياته، فقد أصيب بالشلل وتعطل عن العمل ومكث بضعة شهور عندما كانت فرقته تزور دمشق وعجز الطب أن يضع حدًّا فعاد إلى القاهرة محطم القلب منهار الأعصاب ومكث يقاوم المرض زهاء عامين تجهمت خلالهما الأيام وانفض من حوله أقرب الناس إليه حتى زوجته.
ثم تحسنت حالته الصحية قليلاً فأعاد تكوين فرقته من جديد وراح يضع لها الألحان المبتكرة ويمدها بفيض من معين عبقريته، وكان في أيامه الأخيرة يغني وهو جالس على المسرح ولا يقوى على الوقوف إثر إصابته بالفالج.
ومن ذكريات فنه أنه مثل في دار الأوبرا الملكية وكانت بين المتفرجين سيدة ممثلات ذلك الجيل وهي (سارة برنارد) فنزلت من مقصورتها ثم صعدت إلى خشبة المسرح وأقبلت على الشيخ سلامة وقبلته أمام الجمهور إعجاباً بفنه وتقديراً لنبوغه.
وفاته: وفي اليوم الرابع من شهر تشرين الأول سنة 1917م فارق الحياة الدنيا إلى عالم الخلود وانتهت حياة هذا الفنان العبقري، وقد خلف وراءه مدرسة غنائية تترسم خطاه بما تركه من ألحان ومسرحيات خالدة. وقام نجله الأستاذ عبد القادر حجازي بتأليف فرقة تقوم بتمثيل روايات أدبية ولكن لم يكتب لها النجاح إذ لم يرث موهبة الصوت عن والده.
* * *