جاري التحميل

الشيخ سليم البخاري

الأعلام

الشيخ سليم البخاري([1])

(1848 ـ 1928م)

لقـد طـوى الدهـر صفحـة ماجـدة وضاءة من صفحات العلم والوطنية والإخلاص، ألا وهو العلامة المرحوم الشيخ سليم البخاري والد الشهيد البطل المرحوم جلال الدين البخاري الذي حكم عليه الديوان العرفي بالإعدام خلال الحرب العالمية الأولى في عهد جمال باشا السفاح بتهمة فراره مع الشهيد توفيق البساط من الفيلق العسكري واشتراكه معه في أعماله الوطنية، ومن أولاده صاحب الدولة السيد نصوحي البخاري رئيس الوزراء الأسبق وأحد كبار قادة الجيش التركي.

مولده ونشأته: هوالمرحوم الشيخ سليم بن إسماعيل الآمدي نسبة إلى مدينة آمد مركز ولاية ديار بكر، والبخاري لقباً بالنسبة إلى أمه وخاله السيد عبد الله البخاري المستوطن دمشق، ولد بدمشق سنة 1848م وتلقى علومه على أعلام عصره.

مصائبه: هو والد الشهيد المرحوم جلال الدين البخاري، وصاحب الدولة السيد نصوحي البخاري رئيس الوزارة السورية السابق، وقد نفي خلال الحرب العالمية الأولى، وتشفع به ولده دولة السيد نصوحي، وكان من كبار ضباط الجيش التركي لدى طلعة باشا وزير الداخلية آنئذ، فخابر هذا جمال باشا السفاح بأمره، فأجابه ببرقية إن المترجم يستحق الإعدام، ثم لمناوئته السياسة التركية، وهم ينظرون لمن يتعصب لقوميته خائناً، وأن لابد من نفيه من دمشق إلى الأناضول، وزاره ولده نصوحي بك في منفاه، وكان يقيم في غرفة واحدة مع الشيخ سعيد الباني الدمشقي المنفي.

علمه: كان لغويًّا كبيراً وعالماً جليلاً في الأدب والمنطق والفلسفة الإسلامية، ذا ولع شديد بجميع آثار السلف، واقتفاء أثر المخطوطات النادرة والحرص عليها، وكان مثال النزاهة والعفة وصورة الأخلاق الفاضلة الكريمة، ومن أركان النهضتين الوطنية والعلمية والنافخ في بوق التجديد، والعامل الفذ على استئصال شأفة البدع والخرافات لتنزيه الإسلام مما يدسه الأغرار في الدين وهو ليس منه في شيء وقطع السبيل على المرتزقة من الأشياخ الجهلة الأغرار، ومن مآثره أنه سن قانوناً خاصًّاً للتدريس في المساجد إبان وجوده في رئاسة العلماء حظر فيه القيام بالنصح والإرشاد وإلقاء الدروس الدينية في المساجد على غير العلماء المعروفين المشهود لهم برسوخ أقدامهم في علوم الدين، ولكن هذا القانون قد درست معالمه وألقي بسلة المهملات بعد أن غادر رئاسة العلماء مستقيلاً إثر ما جرى من تدخل في شؤون الدين يوم أعلنت خلافة الحسين بن علي ملك الحجاز السابق، فآثر اعتزال المنصب على أن يقر هذا التدخل ويحول بين المسلمين وبين المبايعة، سيما وأنه بايع وأمضى صك البيعة، وهذا دليل ناهض وحجة دامغة على مقدار صلابته في مبدئه.

كان مجلسه مجلس علم وأدب، ويأبى أن يذكر في حضرته إنسان بسوء، وهو من أصحاب العلامة المرحوم الشيخ طاهر الجزائري والمحدث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني، كان عضواً لمجلس الشورى من تاريخ 2 تشرين الأول سنة 1918م لغاية تشرين الثاني 1919م وكان رئيساً للعلماء من 20 كانون الأول سنة 1920م إلى 10 آذار سنة 1924م حيث ألغيت وظيفته.

وفاته: وفي يوم الأربعاء الرابع والعشرين من تشرين الأول سنة 1928م انتقل إلى رحمة ربه.

*  *  *

 



([1] (أ) (2/ 118 ـ 119).

الأعلام