جاري التحميل

سليم بن بطرس البستاني

الأعلام

سليم بن بطرس البستاني([1])

سليم البستاني

(1848 ـ 1884م)

مولده ونشأته: هو سليم بن العلامة بطرس الكبير بن بولس البستاني، ولد في 28 كانون الأول سنة 1848م في قرية عبية (لبنان) وأمه هي حنة بنت أيوب ثابت، نشأ في مهد العلم والفضل وتلقى اللغة العربية على العلامة الشيخ ناصيف اليازجي، وأتقن معرفة اللغات التركية والإنكليزية والفرنسية على فحول الأساتذة، وفي سنة 1862م عين ترجماناً لقنصلية الولايات المتحدة الأميركية بدلاً من أبيه، وفي سنة 1871م اعتزل الخدمة في القنصلية وتولى تدبير شؤون المدرسة الوطنية وتدريس اللغة الإنكليزية للصفوف العالية ويضافر والده في مهماته العلمية والصحفية.

آثاره: أنشأ المقالات الرائعة في شتى المواضيع في مجلات (الجنان) و(الجنة) و(الجنينة) التي أنشاها، وكان ذا قدرة على تحليل الحوادث السياسية يعالجها بقدرة العالم ودهاء السياسي وحرية لا مثيل لها في بقعة من بقاع الشرق. وقد ذاع صيته بما أخرجه من مؤلفات نفيسة وكان له مكانة بارزة في المجتمع وتقرب من الحكام بعلمه وفضله، فقد ترجم كتاب (تاريخ فرنسا الحديث) بمعاونة الشيخ خطار الدحداح وتاريخ نابليون بونابرت في مصر وسوريا، وألف عدة روايات تمثيلية وقصصية وهي (الإسكندر) و(قيس وليلى) (ويوسف واصطاك) و(الهيام في جنان الشام) و(زنوبيا) و(بدور) و(اسمى) و(سلمى) و(سامية) وقد جمع فيها ضروب الأدب والسياسة والتاريخ والنصائح وإصلاح العادات، وبعد وفاة والده قام وحده بالمشاريع المذكورة، وأنجز الجزء السابع وطبع الجزء الثامن من (دائرة المعارف) وهيأ أكثر مواد أجزائه الباقية، وفي عام 1880م تعاطى التجارة ولكنه لم يفلح وعاد إلى ميدان الأدب كأنما قدر له أن يحيا ويموت في سبيل خدمة العلم.

شعره: كان رحمه الله أديباً موهوباً وشاعراً مبدعاً مطبوعاً وناثراً بليغاً، ذا عقل مفكر وذوق حساس، وكان قلمه أعظم ترجمان للتمدن الغربي في ديار الشرق يكتب ويترجم باللغات العديدة بكل سهولة وبلاغة وهو في شعره يعبر عن عواطفه وآماله، وهذه قصيدة غزلية وقد تجلى ما في جوارحه وجوانحه من هيام، وهي من لطيف أشعاره في رواية (قيس وليلى):

الموت صعب والصبابة أصعب

والكل من هجر الحبيبة أعذب

والقلب يطلب قرب من أحببتها

والموت من قرب الحبيبة أقرب

دون الديار مناهل وذوابل

وصواهل وكتائب تتكتب

يا قلب صبراً في المصائب فالفتى

من كان أقتاب المصائب يركب

والصب من يلقى المنون وفكره

نحو التي ملكت حشاه يذهب

يا ظبية نفت الرقاد وغادرت

قلبي المعنى في اللظى يتقلب

إن كان طرفي لا يراك فإنني

أصبو إلى مرأى حماك وأرغب

ومن قوله:

إنني لا أختشي بيض الظبى

إنما أخشى سواد اللعس

وعذابي لحظ عين غنجها

شب في قلبي لهيب القبس

ألتقي ليلى ذليلاً وأنا

ألتقي الأبطال كالمفترس

ومن وقوله وقد وصف الجمال وصفاً رائعاً في حبه صادقاً أميناً:

بياض الضحى إن غاب وجهك أسود

وإن تسفري فالليل أبيض يسطع

وأنت حياتي والفراق أعده

مماتي فمنك العيش والموت ينبع

وفاته: لقد قسا القدر على هذا النابغة، وفي 13 أيلول سنة 1884م فأجأه القدر في قرية (بوارج) وشيعت جنازته ودفن بجانب قبر والده في مقبرة الطائفة البروتستانية في بيروت وطواه الردى وهو في ريعان شبابه، ولو مد الله في أجله لخلف تراثاً علميًّا أضعاف ما تركه من آثاره الخالدة، وأعقب ولداً واحداً يدعى (حبيب) سكن مع والدته حنة بنت أيوب ثابت في مصر.

*  *  *

 



([1] (أ) (2/ 249 ـ 250).

الأعلام