جاري التحميل

سليم فضول البستاني

الأعلام

سليم فضول البستاني([1])

(1878 ـ 1941م)

هو ابن فضول البستاني، ولد في القريعة سنة 1878م، وتلقى علومه البدائية في مدرسة الحكمة، فدرس العربية على نسيبه الشيخ عبد الله البستاني المشهور، ثم علم مدة في مدرسة الأميركان في صيدا، ثم عني بإدارة أملاكه ونعم بأطيب العيش، كان شاعراً مطبوعاً، يتعشق اللغة الفصحى، وقد نظم قصائد كثيرة على صفحات الجرائد وله غيرها لم تنشر.

كان مولعاً بالراح وما يتبعه من ملزمات البذخ والترف، وقد جادت قريحته بالشعر البديع وهذه قصيدة بعنوان (من أعلى منارة بيروت) يصف بها مناظر لبنان الفاتنة نقتطف منها قوله:

تبارك صنع الله في البر والبحر

ألا فاحمدوا الرحمن بالنظم والنثر

تبارك من ذر الكواكب في العلى

وزان أديم الأرض بالحلل الخضر

إذا سكتت عن حمده ألسن الورى

تسبحه الأكوان في السر والجهر

لقد شاقني رقص الطبيعة في الضحى

على نغم الأطيار في جنة البشر

ومنها:

سبا مقلتي لبنان منية مهجتي

فأسكرني والفخر يغني عن الخمر

تنشيت عرف الطهر من نفحاته

فروَّح روحي عرف ذيَّالك الطهر

ومتعت أبصاري بجنات عدنه

فخلت سماء الحسن في ذلك المصر

لقد شق سيف السيل صدر جباله

ففجر أنهار اللجين من الصدر

يجملها في الليل أبهر كوكب

يسير الهوينى بين أنجمه الزهر

وتختال في أفلاكها ربة البها

على عرش نور في وشاح من البر

فقلبت في تلك المشاهد مقلتي

وقلبي يصوغ الشعر فيها ولا أدري

إلى أن سمعت البحر يخفق قلبه

هياماً فوجهت اللحاظ إلى البحر

رأيت بساطاً أزرقاً فوق متنه

تلاعبه الأرياح في الطي والنشر

ومنها:

وكم من فتى قد بات فوق غماره

كما باتت الورقاء في مخلب الصقر

لئن هالني العجاج وقت كلوحه

فبهجته تجلو البلابل عن صدري

تمد إليه الشمس من عرش مجدها

حبالاً كأسلاك اللآلئ في النحر

كأني بها ترنو إليه صبابة

وتبغي اللقا والدهر يحكم بالهجر

لذلك تعلو وجهها صفرة الجوى

وفي قلبها الأشواق تلذع كالجمر

إذا حان ميعاد الفراق تلهفت

وأنت وسيل الدمع عن عينها يجري

لقد سامني هجر الغزالة وحشة

أشد على قلب الأبي من الأسر

ولولا هلال لاح في غسق الدجى

لبت بلا أنس إلى مطلع الفجر

بدا في سماء العز ينشر نوره

على صفحات الكون مبتسم الثغر

ومن حوله زهر النجوم كأنها

جنود له تحميه من صولة الدهر

ومنها:

أطلت وقوفي في المنارة باحثاً

ففاق مجال النظم عن كرة الفكر

وما كان عهدي بالقريض يخونني

ولكن نطاق الوصف أوسع من شعري

وفاته: وفي عام 1941م أدركته المنية.

*  *  *

 



([1] (أ) (2/ 252 ـ 253).

الأعلام