شبلي شميل
شبلي شميل([1])
الدكتور شبلي شميل
(1830 ـ 1917م)
مولده ونشأته: هو شقيق الدكتور أمين الشميل، ولد في قرية كفر شيما سنة 1830م وتلقى دراسته في المدارس التي تخرج منها شقيقه أمين. رحل إلى مصر، فكان الطبيب النطاسي، والحكيم الاجتماعي، والعالم الطبيعي والأديب الكاتب، والناظم الناثر، اشتهر بتصانيفه ومقالاته العلمية والاجتماعية التي كان ينشرها في المجلات والجرائد العربية والفرنسية.
مواهبه: كان الدكتور شبلي فذًّا، نادر المثل في مجموعة علومه وأعماله وأفكاره وأخلاقه، وله مؤلف حوادث وخواطر.
لقد كان من طلاب الإصلاح المدني والتجديد الاجتماعي المحلقين، لا من الذين اتخذوا العلم ذريعة لجمع المال أو وسيلة للجاه، فهو لم يدخر مالاً، ولم يتأثل عقاراً، ولم يصرف جل وقته للكسب، بل كان اشتغاله بالأمور الاجتماعية أكثر من اشتغاله بالطب.
مذهب دارون: كان أول من نشر مذهب دارون باللغة العربية وانتصر له وناضل دونه، إذ كان رجال الدين ولاسيما الكاثوليك الذين نشأ الدكتور شميل على مذهبهم يعدون هذا المذهب من دعائم الكفر، ولم يكتف المترجم بذلك، بل كان يصرح قولاً وكتابة بالإلحاد، ولم يتجرأ أحد قبله على ما تجرأ عليه من ذلك، مع كثرة الذين زاغت عقائدهم من المتعلمين، وكان بعض القسيسين يقاومونه بدعاياتهم، وينهون الناس سرًّا عن دعوته لمعالجة مرضاهم.
رأيه في النبي الأعظم: لقد كان يفضل الرسول الأعظم على جميع البشر، ومن قصيدة له بعنوان (الحق أولى أن يقال):
دع من محمد في سدى قرآنه | ما قد نحاه للحمة الغايات |
إني وإن أك قد كفرت بدينه | هل أكفرن بمحكم الآيات |
أو ما حوت في ناصع الألفاظ من | حكم روادع للهوى وعظات |
وشرائع لو أنهم عقلوا بها | ما قيدوا العمران بالعادات |
نعم المدبر الحكيم وإنه | رب الفصاحة مصطفى الكلمات |
رجل الحجى رجل السياسة والدَّها | بطل حليف النصر في الغارات |
ببلاغة القرآن قد خلب النهى | وبسيفه أنحى على الهامات |
من دونه الأبطال في كل الورى | من سابق أو لاحق أو آت |
كان المترجم من دعاة الاشتراكية، وهو مستقل برأيه فيها غير مقلد لطائفة من طوائفها، ولم يكن مرائياً ولا منافقاً، بل كان مستقلًّا جريئاً يقول ما يعتقده حقًّا وصواباً، غير هياب ولا وجل، وكان على جرأته وشدته في آرائه رقيق القلب سخي النفس، فكان إذا دعي إلى معالجة فقير يخف إليه مرتاحاً ويعالجه مجاناً، على أنه لم يكن ذا فضل من المال.
كان في نشأته الأولى مبالغاً في التدين مواظباً على العبادة، وقد سافر إلى فرنسا ولقي فيها عالماً مادياً قال له كلمة هدمت عقيدته الدينية هدماً، وهي لم تهدم تأثير التربية الدينية في نفسه ولا ما ورثه من أخلاق أهل بيته، فقد كان متحلياً بالرأفة والسخاء والصدق والوفاء والنجدة والمروءة والشجاعة.
حكمه بالإعدام: كان من المناوئين للعهد العثماني، وفي خلال الحرب العالمية الأولى حكم عليه بالإعدام غياباً من قبل المجلس العرفي التركي المنعقد في لبنان، وكان آنئذ في مصر، وحكم كذلك على ولدي عمه سليم وماريوس شميل.
وفاته: وافاه الأجل في سنة 1917م في القاهرة، وقد أقام له النادي السوري فيها حفلة تأبين كبرى باعتباره من نوابغ السوريين، وأطرى الخطباء مناقبه العالية.
* * *