جاري التحميل

شبلي الملاط

الأعلام

شبلي الملاط([1])

(1876م)

مولده ونشأته: هـو أحـد أمـراء القريض في دولة العرب، وشقيق الشاعر الملهم المرحوم تامر الملاط، ولد في بعبدا سنة 1876م وتلقى مبادئ اللغة العربية على أستاذه العلامة بطرس البستاني في مدرسة مار عبدا، ثم دخل مدرسة الحكمة المارونيـة فـي بيـروت حيـث تخرج على أساتذتها الجهابذة، منهم العلامة الشيخ عبد الله البستاني وغيره.

في خدمة العلم: وعهد إليه بالتدريس في مدرسة غزير، ثم في مدرسة الروم الأرثوذكس في بيروت، ولما عهد إلى شقيقه الشاعر المرحوم تامر برئاسة محكمة كسروان رافقه هناك نحو ثلاث سنوات قرأ خلالها الفقه. وتولى تدريس الخطابة والبيان في مدرسة المطران يوسف الدبس وأقام فيها بضع سنوات، وفي مدرسة الحكمة التي تلقى فيها العلوم ولا تزال ينبوع الحكمة والثقافة والشعر والأدب في لبنان.

ولما نكب أخوه تامر عني بمعالجته والاهتمام بشؤونه، وحمل حملات شديدة في جريدة الوطن اليومية على المتصرف مظفر باشا الذي تسرَّع وكان سبباً في إخراج أخيه من الوظيفة ومرضه، وقد تعرض في حملاتها لانتقام المتصرف منه، فخشي العاقبة وأقام أكثر من سنة في بيروت متحاشياً زيارة أهله في بعبدا.

في ميدان الصحافة: أنشأ جريدة النصير مدة سنتين، وتولى إصدار جريدة الوطن اليومية التي كانت تهاجم المتصرف المذكور، فتسلل مجرم فأضرم النار فيها.

في خدمة الدولة: ولما تولى يوسف باشا فرنكو متصرفية الجبل، عهد إليه برئاسة قلم التحريرات، فشغلها زهاء أربع سنوات، ثم ضاق ذرعاً من قيود الوظيفة، فهجرها ودخل ميدان الأدب الرحيب.

آثاره الأدبيـة: عرب روايـات: 1 ـ شـرف العواطف أو (المتردي فورج). 2 ـألفرد الكبير ملك إنكلترا.  3 ـ الكونت دي استيلا والذخيرة.  4 ـجاندرك وهزنابـي والمـرأة الإسبانيـة. 5 ـ وألف روايـة غنائية شعرية من نوع الأوبريت.  6 ـ الجمال والكبرياء، وهي رواية غنائية شعرية.  7 ـخولة بنت الأزور وأخوها ضـرار. 8 ـ بيـن العرس والرمس.  9 ـ الوردة الذابلـة.  10 ـ سـيف ذي يـزن. 11 ـ شيرين الفارسية. 12 ـ ملكة تدمر. 13 ـعذراء بانياس.  14 ـ عاشقة الطيار ويهوديت.

شعره: 15 ـأصدر ديوانه الجديد المسمى (ديوان شبلي الملاط) وهو مجموعة ضمت نفثات وحيه وإلهامه، وقرظ الديوان المذكور أمير البيان الأمير شكيب أرسلان بمقدمة كذنب الطاووس مرصعة بألف درة وجوهرة، ويشتمل على نخبة من أبدع وأروع الروايات الشعرية، ويعتبر هذا الشاعر أمير الشعر القصصي، وأول من برع في هذا النوع واشتهر به في النهضة العلمية الحديثة، وهو الركن الراسخ والحصن المنيع لدولة القريض، وصاحب المواقف الشعرية المشهورة في عواصم البلاد العربية التي انتزع فيها إعجاب أمراء الشعر العربي أمثال أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، وخليل مطران، وأثبت أنه أمير المنابر بلا منازع، وشاعر مجيد مطبوع ملأ نصف هذا القرن نشاطاً وأدباً وشعراً وتعليماً، حتى إن ديوانه ليحسب تاريخاً للنهضة الشعرية والأدبية، فلم يعقد مؤتمراً ولم يحتفل بيوبيل شعري أو أدبي إلا وكانت مواقفه شهيرة، وخلقت شاعريته الكبيرة دولة للشعر في الأقطار العربية، وهذا نموذج من شعره يصف خولة بنت الأزور يوم استشهادضرار فقال:

أدموع خولة أم عقيق الوادي

أيام نادى للجهاد مناد

لم تبك أخت ضرار حزناً بل بكت

فرحاً ليوم شهادة وجهاد

غبطت أخاها وهو يعرض رمحه

فوق الجواد لغزوة وجلاد

يا خول إن أبي وجدي استشهدا

قبلي على مرأى النبي الهادي

وأنا على آثار من درجوا ومن

سعدوا من الآباء والأجداد

فإذا قعدت عن الجهاد توانياً

فلمَ ادخرت مثقفي وجوادي

لبيك إن دمي لسلطاني وما

ملكت يداي لدولتي وبلادي

ومن أراد أن يتعرف على عبقرية هذا الشاعر الملهم بشكل واف، فليطلع على ديوانه الشعري الذي طبعه مؤخراً وفيه من روائع القريض ما يذهل العقول ويستلب الألباب، ومن بدائع شعره الاجتماعي قوله:

لولا التفرق لم يكن مستوطن

مثل الغريب يعيش في أوطانه

ولما بكى لبنان عهد بشيره

وبكى دمشقي على مروانه

زمن مضى وأقام من آثاره

شهباً على التاريخ من لمعانه

تتعاقب الأجيال حالمة به

وبذكريات الفخم من سلطانه

والراسيات الشم من أيمانه

والشامخات العصم من بنيانه

حساده: ومرت أيام الحرب العالمية وكانت عصيبة على لبنان، ورغم إخلاصه لوطنه وتفانيه في خدمة الشعب وتخفيف الوطأة عنه وتوفير الإعاشة للأهلين بسـبب اتصاله بالحاكـم العسكري جمال باشا، وما يلقيـه في الحفلات من قصائد وخطابات فإنه لم ينج من كيد الحاسدين، فقد تجنوا عليه وتحاملوا وزعموا أنه كان يجنح إلى مركب الزلفى من الأتراك، ورغم الوشايات التي تعرض لها باتهامه بأن له علاقة بالجمعية الإصلاحية اللامركزية فإن جمال باشا كان قد احتقر الوشاة وأبدى له كل احترام تقديراً لوطنيته وأدبه وأخلاقه الفاضلة وآثاره الأدبية وسجاياه السامية.

اقترن هذا العبقري بالآنسة ماري بنت الدكتور إلياس شكر الله سنة 1916م ومن ذريته الشاب المحامي اللامع الأستاذ وجدي ملاط وهو صورة أبيه في رجاحة العقل والأدب.

*  *  *

 



([1] (أ) (2/ 351 ـ 353).

الأعلام