شفيق شبيب
شفيق شبيب([1])
الفنان الأستاذ شفيق شبيب
وهذا علم من أعلام الفن بدمشق، فنان بطبعه وروحه، وهبه الله قلباً كبيراً زاخراً بالعواطف والمشاعر النبيلة، عمل لتعزيز الفن وإعلاء شأنه بهدوء دونتبجح وادعاء، فالبيئة العائلية التي نشأ فيها أكسبته الخلق الرصين والسجايا فأنبتته نباتاً صالحاً، يعيش في جو هادئ بعيد عن الخيلاء والدعابة لنفسه، لا يستهويه المدح والإطراء، يهوى الصراحة والصدق بقدر ما يمقت الرياء والنفاق، ولو أتقن هذا الفن المصطلح عليه في الهيئة الاجتماعية لوطأ هامة المناصب العليا.
أصله ونشأته: هو الأستاذ شفيق بن المرحوم مصطفى بن علي شبيب، من عوائل دمشق العريقة بقدمها ومجدها، ولد بدمشق سنة 1897م وتلقى علومه في المدارس التركية، وكانت أول وظيفة أشغلها بتاريخ 21 تشرين الثاني سنة 1913م في الخط الحجازي بدمشق ثم تدرج في الوظائف، وهو يشغل الآن وظيفة مفتش في المديرية العامة للمصالح العقارية.
فنه: كم من الغواة من فاق وبرع في الفن الموسيقي، ولو قدر للمترجم الاحتراف لبلغ قمة المجد الفني، تلقى علم النوتة والعزف على آله العود عن بعض فناني عهده، وأكب على الدراسة الخاصة حتى بلغ ما تصبو إليه نفسه، فألف بعض القطع البديعة منها سماعي بوسليك، ومعزوفة الصباح والحادي، وأبدعها نغمة وطرباً حلقة الذكر، فبينما قام الذاكرون يلفظون اسم الجلالة على أصول الذكر تعزف الآلات اللحن الصامت بانسجام رائع، وتمكن من العزف على آلة العود فأصبح من أقوى العازفين الفنيين.
تمثيله سوريا في المؤتمر الموسيقي الفني: وفي عام 1932م كان الفنان المترجم أحد أعضاء الوفد السوري في المؤتمر الموسيقي الفني المؤلف من الفنانين الشيخ علي الدرويش وأحمد الأبري رحمهما الله المنعقد في مصر بتاريخ 16 آذار 1932م، ذلك المؤتمر الذي لم تثمر نتائج أبحاثه عن شيء لاصطدام المواضيع الفنية الموسيقية بعقبات كأداء.
جهوده الفنية في دار الإذاعة السورية: لقد برزت مواهب الأستاذ شبيب عندما عهد إليه بمديرية البرامج في دار الإذاعة السورية بالإضافة لوظيفته الأساسية، فأدى خدمات لا يقدرها إلا من أوتي الحس المرهف الذي يميز الغث من السمين، فهو الذي أخرج برامجها الغنائية من الاضطراب إلى النظام.
ولما كان الغناء من أعظم ضروب التهذيب فقد كان حرباً عواناً على الأغاني السقيمة المائعة التي لا معنى لها ولا روح فيها إلا التناقض المخزي عن حالة المجتمع الروحية والثقافية والتقدمية، وكانت رغبة هذا الفنان الصميمة أن يعمل الملحنون على إخراج ألحانهم بشكل يعبر عن معانيها، وكان خير من عالج هذا الموضوع، أما براعته في اجتذاب سامعيه ودفعهم إلى ما يريد في لباقة وإقناعهم بما ينبغي دون أن يتجشم في هذا السبيل أي عناء، والتوفيق بين أذواق الجمهور المتباينة فهي إحدى مواهبه البارزة، ثم دعت الظروف أن يحرم المجتمع من جهوده في دار الإذاعـة فـي وقـت هـي أحوج إلى مـن يتحـلى بعناصر التجرد والإخلاص والكفاءة، وليعلم القراء أن كل ما أكتبه عزيز علي؛ لأنه يعبر عن الحقائق المجردة دون محاباة أو مغالاة.
أوصافه: مديد القامة، مرهف الملامح، لا تفارقه التؤدة في السر والعلن، جمع إلى حدة الذهن وذكاء القريحة رباطة الجأش وسعة الصدر، وحلو المعشر، يخرج الحديث من فمه كاللحن الطلي بانسيابه الهادئ، داعية إلى الفضائل والخير والبر والتقوى.
* * *