جاري التحميل

صادق الأسعد

الأعلام

صادق الأسعد([1])

الشيخ صادق الأسعد

(1875م)

مولده ونشأته: هو الشيخ صادق بن أسعد بن جرجس الأسعد وأصل الأسرة من وادي النصارى، وكانت تكنى بالحلو، وقد نزح الجد أسعد إلى حمص سنة 1700م واستوطنها وتكنت الأسرة باسمه.

ولد الشاعر المترجم سنة 1875م في حمص، وقد مات والده وهو في الحادية عشرة من عمره، فأكب يطالع بنفسه كتب العلم والأدب، وتلقى مبادئ قواعداللغة العربية على أعلام عصره الأستاذين المعروفين يوسف شاهين وداود قسطنطين الخوري.

تعاطى مهنة الأحذية، وسيق خلال الحرب العالمية الأولى إلى الخدمة العسكرية في جهة بئر السبع واختص بأعمال مهنته، وبعد عودته تعاطى التجارة بأصناف الحرير، فكان الخبير بالمصلحة.

مراحل حياته: انتسب إلى الرابطة الأدبية سنة 1920م خلفاً للمرحوم العلامة الخوري عيسى أسعد، وظل فيها منذ ثلاثين سنة وقدم لطائفته خدمات اجتماعية جليلة، فبناية الميتم الأرثوذكسي في حمص قامت بنشاطه ودعاياته.

أدبه: يعتبر شاعراً فطريًّا مجيداً بالرغم من أنه لم يتعمق بدراسة اللغة العربية، ويمتاز بنظم التواريخ الشعرية، وله ديوان مخطوط طرق بقوافيه شتى النواحي في الوطنية والحكميات والمدح والرثاء والغزل.

فاجعته: لقد أمعن القدر بالقسوة عليه فاستلب الموت فلذة كبده ولده البكر (زكي) وهو في الثلاثين من عمره فلبس السواد حداداً عليه مدة سبع سنوات، وقد رثاه بقصيدة مؤثرة وكل شطر منها يحتوي على تاريخ وفاته الواقع سنة 1933م منها قوله:

بالخلد قد أضحى الزكي يسره

حظ دعاه بجنة الرحمن

ورثى أحمد شوقي أمير الشعراء بقصيدة مطلعها:

يا مصر بلبلك المغرد بعده

عبراتنا ممزوجة بدماء

ومنها:

هيهات غيرك يبتغي ما نلته

ختمت بأحمد عزة العظماء

وأرخ وفاته فقال:

والدهر في منعاك أرخ أنه

شوقي أمير الشعر والشعراء

1933م

أما قصيدته وعنوانها (الوردية) فهي من أبدع ما نظمه، ولم يسبقه إليها أحد من الشعراء، وقد درجناها بكاملها ليطلع الأدباء على موهبته الشعرية:

تبدت فلاح الفجر من خدها الوردي([2])

مهفهة الأعطاف سيدة الورد([3])


يلوح وميض البرق من در ثغرها

ويعبق من أنفاسها الأرج الوردي([4])

إذا ما شدا الحادي بآيات حسنها

تكف النياق الظامئات عن الورد([5])

وإن لاح ذياك الجمال لعابد

بمسجده الأقصى تلهى عن الورد([6])

يشع الضحى من وجهها الطلق عندما

تلوح على متن السريع من الورد([7])

مهاة وقاها الله أعين حسد

لئام أشداء عديدين كالورد([8])

يزيل عن القلب الغموم جمالها

كما يطفئ الماء النمير لظى الورد([9])

إذا غردت يسبي المسامع شدوها

كشحرورة تتلو الأناشيد في الورد([10])

وترمقها كل العيون إذا مشت

فتحسبها من نشوة الوجد كالورد([11])

يذل بنو الدنيا لسلطان حسنها


وكل عزيز النفس أو بطلٌ ورد([12])

لها منطق يسبي العقول لسحره

لآلئه تزري بلا حبة الوردي([13])

وفي اللحظ سيف قاطع وهو مغمد


إذا جردت خديه تقضي على الورد([14])

وعسَّال قدّ طعنه يتلف العدى

إذا ما علا فوق المضمرة الورد([15])

براعتها فاقت سواها تفننا

فقصر عنها من أجاد جنى الورد([16])

إذا وصلت مضنى شفته وإن نأت

غدا حبها من لوعة الهجر كالورد([17])

وإن لمست شيخاً سقيماً معذباً

نجا جسمه المعتل من وطأة الورد([18])

يضاعف عمر الصب تطويق جيدها

ورشف لماها العذب يغني عن الورد([19])

فتاة تحاكي بالندى ابنة حاتم

وتفضل في حب القرى عروة الورد([20])

سمت ربة الخال التي بطرساً سبت

فأنشد مسحوراً أمن من خدها الورد([21])

وتغزل الشاعر بحسناء فاتنة واتخذ من روعة جمالها حجة تدحض مذهب داروين، قال وقد أجاد:

من معدن الماس ما من طينة بشر

جبلت كي تفتني العشاق يا قمري

لما رأى الله بعض الناس قد جحدوا

وأن أنفسهم باتت على خطر

أراد من فرط حلم صنع معجزة

فجاءهم بجمال غير منتظر

قالوا من القرد أصلاً المرء ما خجلوا

وذاك رأي يراه الغافلون زري

أنى الجمال لقرد قبحه مثل

والمرء صورة ربي مبدع البشر

ومنها:

فأنت في الحسن ما فوق الثرى ملك

يدعو الأنام إلى تمجيد مقتدر

فوجهك الطلق ينبوع الحياة لنا

والثغر رسم لفجر زين بالدرر

والقد غض نسيم الصبح رنحه

والطرف طرف رشا يزدان بالحور

من كنز صدرك حقَّا فضة برزا

بهالتي عسجد حارت به فكري

أما الجبين فتهدي السبل طلعته

من ضل ليلاً وتغنيه عن القمر

*  *  *

 



([1] (أ) (2/ 79 ـ 80).

([2] الأحمر.

([3] اسمها.

([4] زهرة الورد.

([5] ورد الماء.

([6] فرض الصلاة.

([7] الجمل.

([8] الجيش.

([9] العطش.

([10] قطيع من الطير.

([11] قوم يردون الماء.

([12] الجريء.

([13] ابن الوردي الشاعر المشهور.

([14] الأسد.

([15] الخيل.

([16] اسم رواية.

([17] الزعفران.

([18] الحمة.

([19] الماء.

([20] فارس جواد مشهور.

([21] القصيدة الخالية لبطرس كرامة.

الأعلام