جاري التحميل

طارق مدحت

الأعلام

طارق مدحت([1])

الفنان الشهيد طارق مدحت

أصله ونشأته: هو المرحوم الشهيد طارق بن أحمد مدحت بك، ولد في بلدة قيصرة بتركيا سنة 1903م وكان والده متصرفاً في البلاد التركية استقام فيها مدة ثلاث عشرة سنة ـ ينحدر الفقيد من أصلاب عريقة في المجد والأصالة، فجد العائلة المرحوم أحمـد مدحـت بـك كان وزيراً في عهد السلطان عبد الحميد ومن الأثرياء المعروفين في تركيا ـ ولوشايات تعرض لها نقم عليه السلطان فأبعده وعينه قائم مقام لقضاء دوما، ثم رجع إلى قيصرة بعد الانقلاب وتوفي هناك، وبعدها حضر الفقيد مع والدته إلى دمشق واستقام فيها.

أحواله العامة وأوصافه: انتسب المترجم لخدمة الدرك بتاريخ 16 كانون الأول 1937م ومكث في بيروت مدة أربع سنين بسائق الوظيفة تعرف خلالها على الفنانين وعاشرهم، ثم عاد إلى دمشق فكان برتبة عريف في الفرقة الموسيقية التابعة لسلاح الدرك، وتوظف في القسم الموسيقي في دار الإذاعة السورية، وكان أستاذاً يعطي الدروس الخاصة للغواة في الفن.

كان رحمه الله بهي الطلعة، دمث الأخلاق والمعشر، وفيًّا لأصدقائه، كريماً بالفطرة، أبي النفس، يعاشر الطبقات الراقية في المجتمع، يشع من عينيه بريق النبل وطيب الأرومة، قسا عليه الدهر فاختطفت المنون ولده البكر ووحيده من الذكور (صبحي)، وكان في الثامنة من عمره، فأطارت لوعة الفاجعة لبه وحف به الحزن المبرح وفاضت من مآقيه الدموع حتى غاضت المدامع فكان الفن الموسيقي آية العزاء والسلوان لقلبه الكليم.

فنه: كان الشهيد ذكيًّا نجيباً فقد تولع بالفن وأكب على المطالعة والتبحربفروعه وأصوله وتمرن بشكل جدي على الكمان والعود والكلارنيت والسيكسفون وآلات إفرنجية أخرى فأحكم العزف عليها بمهارة فائقة وتعلم النوطة فألف مقطوعات رائعة، كثير الاختلاط بالفنانين وله صورة مع الفنان المصري محمد عبد الوهاب أثناء حضوره لدمشق واحتفاء الفنانين بتكريمه، وكم من ذكريات أثارت شجونه وعواطفه الكامنة وهو سابح الأفكار تلعب أنامله الساحرة على الأوتار فبكى وأشجى السامعين.

سلوى مدحت: لقد حق للفن أن يعتز بالمواهب، فقد سعد المجتمع الفني بكريمة الشهيد الفقيد السيدة سلوى مدحت التي ورثت عن والدها الفن والغواية فنزلت ميدان الفن بخطى تقدمية ثابتة أساسها الخلق الرصين والطهر المكين فأظهرت من روائع فنها وصوتها الشجي الرخيم وسحر إلقائها ما أبدعت وأعجبت، يشجعها على المضي قدماً في هذا الحقل نبوغها الكامن وقابليتها الفنية لصقل مواهبها واستثمارها، تحذوها ابتسامة الأمل في مستقبل زاهر. ولدت هذه الفنانة في مدينة بيروت عام 1929م.

وفاته: وشاءت إرادة الله أن تعصف المنية بروحه الطاهرة، فقد أصيب الفقيد بشظايا القنابل وهو يدافع عن قلعة دمشق بشجاعة وبسالة نادرتين إثر حوادث العدوان الفرنسي الواقع في التاسع والعشرين من شهر مايس سنة 1945م فسجل بدمه شهادة الخلود ومنحته الحكومة وسام الاستشهاد وخصصتلأسرته راتب مواساة، ودفن في مقبرة المهاجرين عند خزان الفيجة، وأعقب أربع بنات.

*  *  *

 



([1] (أ) (1/ 274).

الأعلام