جاري التحميل

طه الراوي

الأعلام

طه الراوي([1])

(1892 ـ 1946م)

انحدرت أسرة الراوي بأصلها من البصرة، ونزح أجداد المترجم منها إلى راوة، وهي بلد تقع بالقرب من مدينة عانة العراقية الواقعة على نهر الفرات، ومنالمشهور أن الشاعر العراقي المعروف بالرواس قد مدح جده، وهو تلميذ عبد الله الرواي الذي قال الرواس عندما فجع بنعيه:

قبر براوة عنه العارفون روت

مسلسلات أحاديث الهدى غررا

وعلى جده هذا أخذ المرحوم الشيخ أبو الهدى الصيادي الرفاعي شيخ السلطان عبد الحميد العلم والطريقة.

مولده ونشأته: هـو المرحوم السـيد طه بن صالح الفضيل الرواي، وأصل أسرته من قرية (راوة) المشهورة في العراق، ولد سنة 1892م في راوة، وفي العاشرة من عمره قسا عليه القدر فأصيب بالجدري بإحدى عينيه، ولما بلغ أشده هجر القرية المذكورة إلى بغداد وهي مطمح آماله في طلب العلم، فكان مأواه مساجد الكرخ بالرصافة، ولازم المدارس ومجالس العلم يلتقى عنها شتى العلوم في نفس ظامئة، وأسعده الحظ فدرس على علامة العراق الإمام المرحوم السيد محمود شكري الألوسي وذلك في غمرة الحرب العالمية الأولى، وتوسط له الألوسي فأعفي من الخدمة العسكرية، وكلف بتعليم رجال الجيش من الضباط الجرمانيين اللغة العربية.

مراحل حياته: ولما احتل البريطانيون العراق انتمى إلى (مدرسة العلمين) وبعدها عين مديراً لمدرسة ابتدائية في الكرخ، واستقرت حياته بعد اقترانه، ثم عين مدرساً في دار المعلمين الابتدائية، وأتاحت له الظروف فدخل كلية الحقوق، فنال شهادتها وانتقل إلى السلك الإداري، وعين سنة 1926م مديراً للمطبوعات، ثـم أميناً لسـر مجلس الأعيـان فـي سـنة 1928م، ولبس الكسوة الإفرنجية بدلاً من الجبة والعمامة، واستمر إلى جانب عمله الإداري يدرس ويحاضر في بعض المعاهد العالمية في التاريخ العربي والإسلامي والتفسير والحديث والأدب وعلوم العربية.

وطفق في هذه المرحلة من حياته ينتهز الفرص للرحلة، فزار تركية وسورية ومصر واحتك بالعلماء والأدباء، وانتخبه المجمع العلمي العربي في دمشق عضواً مراسلاً، وشرع ينشر في مجلته أبحاثه ومحاضراته.

وقد لبث في وظيفته بمجلس الأعيان تسع سنين مكنته من التعارف على رجال الدولة، وأعانه على توثيق عرى الصداقات والصلات ما تحلى به من أخلاق فاضلة.

مدير المعارف: وفي 19 أيلول 1937م أسندت إليه مديرية المعارف العامة، ولاعتبارات اقتضتها السياسة انتدب بتاريخ 13 آذار 1939م أستاذاً في دار المعلمين العالية، وكأن العناية الإلهية تأبى إلا تسييره لما خلق له من القيام على اللغة العربية وآدابها، فلم يزل في منصبه إلى أن وافاه الأجل.

مواهبه: كان غزير العلم متفنناً، ذا ذكاء حاد، حسن الاستنباط، جيد التوليد، بليغاً في إنشاء مراسلاته ومقالاته ومحاضراته، وكان العقد الأخير من عمره أحفل أيامه بالبحث والنشاط والكتابة في الصحف والظهور في المجتمعات، وانتدبته الحكومة العراقية لتمثيلها في بعض المؤتمرات الثقافية والتربوية والمهرجانات الأدبية في مصر والشام، وتجلت مواهبه في محاضراته وخطبه.

آثاره: أما الآثار التي خلفها فهي: 1 ـ بغداد مدينة السلام، 2 ـأبو العلاء فـي بغـداد، 3 ـ نظـرة فـي النحـو، 4 ـ رسـالة الضاد والظاء، 5 ـ تفسير البقرة، 6 ـ تاريخ العرب قبل الإسلام، 7 ـ تاريح علوم الأدب، 8 ـ الأخلاق، ومجموعة من الرسائل والمقالات التي نشرت في الجرائد والمجلات.

وفاته: وفي ضحوة يوم الإثنين 24 ذي القعدة سنة 1365ﻫ و21 تشرين الأول 1946م وافاه القدر المحتوم وهو في أوج نشاطه العلمي والأدبي.

 

p  p p

 

 



([1] (أ) (2/ 204 ـ 205).

الأعلام