عادل شعبان شيش
عادل شعبان شيش([1])
الشاعر الوطني الملهم الأستاذ عادل شعبان شيش الأنطاكي
ولد الأستاذ عادل شعبان في أنطاكية سنة 1908م وتلقى علومه الثانوية في تجهيز هذه المدينة العظيمة بتاريخها المجيد، وبعدها انتسب إلى كلية الآداب العليا ومعهد الحقوق بدمشق وبعد أن نال الشهادتين عاد إلى أنطاكية وعين أستاذاًللأدب العربي في تجهيزها.
مأساة اللواء السليب: وتتجلى وطنيته المثلى وحبه لقوميته وعنصريته أنه نزح بعروبته عن أنطاكية بعد أن انفصل لواء إسكندرون السليب مفضلاً الهجرة إلى الوطن الأم على البقاء في ظل الحكم التركي.
خدماته: عيِّن حاكماً للصلح في عفرين، وبدأ يتدرج في مراتب القضاء مثبتاً جدارة واستعداداً بارزاً وجانياً أطيب السمعات، ثم عين رئيساً لمحكمة الاستئناف في السويداء، ولما نقل منها إلى القضاء في حلب تعلق به الدروز وأقاموا له الحفلات التكريمية تقديراً لمواهبه ونزاهته وتجرده.
فـي المحكمة العليـا: وعندمـا أعيـد تشكيل المحكمة العليا رشحه رئيس الجمهوريـة وانتخبـه المجلس النيابي عضـواً فيهـا بأكثريـة ملحوظة من أصوات النواب.
فكرته السامية: إذا وزنت الوطنية في نفوس الرجال كان صاحب هذه الترجمة من طينة أسمى وأفضل، فهو صاحب فكرة إعادة المذهب العلوي إلى الحظيرة السنية، وله الفضل بإرسال بعثات من الشبان العلويين إلى الأزهر ليتعلموا الفقه الإسلامي، وقد أحدثت هذه الفكرة الفذة التي تنم عن شعور عربي نبيل أطيب الأثر والنتائج، وقد عاد بعض الشباب من البعثات الموفدة إلى الأزهر وهم يتولون الآن القضاء الشرعي في سورية.
شعره وثقافته: لا شك أن ربوع أنطاكية ومناظرها الخلابة وأطلالها التاريخية قد أثرت في حواسه وروحه، فجادت قريحته الفياضة بأروع القوافي، فهو شاعر عاطفي بحكم المأساة التي أصابته بسبب فقده مسقط رأسه، يفتخر بعروبته والاحتفاظ بها، يمتاز شعره بالروح القومية والعصرية، سهل الديباجة، لا يجنح إلى التعقيد والقوافي الصعبة، ومن شعره البديع الذي يدل على سمو ذوقه قوله:
ألا يا نفحة في الروح تسري | لها فينا زهو واختيال |
ضياء من معين الله يجري | لهيباً في الصدور له اشتعال |
يزيل الطود بركان رهيب | وليس لنا من الدنيا زوال |
وكم من طامع فينا خذلنا | ونلنا بالدما ما لا ينال |
لنا وطن يروعك فيه مجد | ويسحر لب رائيه الجمال |
ولو لم نروه بدم أبي | لما نبت الجمال ولا الجلال |
فمن دمنا المراق زكت رياض | ومن دمنا شذاها والظلال |
ومن دمنا النسيم سرى عليلاً | وفجر ماؤنا العذب الزلال |
ومن دمنا حضارات أثارت | أطل الهدي فازور الضلال |
تلفت من روابينا فؤاد | يضاعف خفقه حب حلال |
فلبته السهول وكل واد | حبيب والشواطئ والرمال |
سنبعث راية الآباء فينا | ترفرف في سمانا لا تطال |
نظمنا الكون ألحاناً عذابا | ترتلها الصلاة والابتهال |
وأنكرنا الهوى العرفي قدما | فكل الناس إخوان وآل |
سلام العالم البشري رفق | بينبوع السماء له اتصال |
ولكن حوضنا حرم مصون | فما منه لمغتر منال |
إذا مسته أيد عابثات | تلظى الشر واحتدم النضال |
فمنا الـ (سعد) و(الحجاج) منا | ومنا فتية غر شبال |
وتلك النسوة اللاتي صنعن | البطولة مثلما صنع الرجال |
ألا يا نفحة طافت بصدر | أفاقت فيه أجيال طوال |
لأنت من الإله شعاع بعث | وفي مسراك آمال عبال |
يتحلى هذا الشاعر المبدع بالأخلاق الفاضلة والنزاهة المثالية، كثير الأدب، جم التهذيب، لا ينقطع عن الاطلاع على أحدث النظريات الحقوقية، متضلع باللغتين التركية والفرنسية التي تسهل عليه سبل المطالعة المستديمة، له إلمام باللغة الإنكليزية، ورب عائلة وأولاد ورثوا حب العروبة عن أبيهم اللامع في مواهبه.
* * *