جاري التحميل

عبد الرحمن الشهبندر

الأعلام

عبد الرحمن الشهبندر([1])

الدكتور عبد الرحمن الشهبندر

(1879 ـ 1940م)

لقد لعب المرحوم الدكتور عبد الرحمن الشهبندر الخطيب السياسي الفذ درواً بارزاً في السياسة السورية انتهى به إلى الاستشهاد والغدر به في سنة 1940م بيد مجرمين أثمة مدفوعين إلى ارتكاب جريمتهم، لم يخشوا الله في وطنهم، فذهب ضحية غدر لئيم أودى بحياة زعيم كان ينتظر له مستقبل باهر في سوريا والأقطار العربية.

مولده ونشأته: ولد في دمشق في 6 تشرين الثاني سنة 1879م وما كاد ينهي دروسه الطبية ويدخل معترك الحياة حتى داهمته الحرب العالمية الأولى، وشهد في خلالها استشهاد شهداء الاستقلال الذين رفعهم جمال باشا على مشانقه في دمشق، فلم تكن هذه الحوادث الكبيرة إلا لتزيده عزيمة ومضاء، فانطبعت صورها في ذهنه وصدره.

نشاطه السياسي: انتهت الحرب وجاء المغفور له الملك فيصل الأول دمشق يحمل إليها آمالاً كباراً لم تشأ لها الأقدار أن تتم في عهده، فلعبت المناورات السياسية الكبرى دورها وانجلت عن لعبة الانتداب في سوريا ولبنان، فلم تضعف هذه اللعبة من عزمه، بل أخذ يعمل نشيطاً في جميع المساعي التي تخدم فكرة الاستقلال، فلما جاءت بعثة كراين الأمريكية قبل عهد الانتداب لاستشارة الأهلين في النظام الحكومي الذي يختارونه، انخرط فيها وعمل في خدمتها مستشاراً ومرشداً وتبعها في جميع حركاتها، ولكن اللجنة لم تدفع مقدوراً، فانتهت بالفشل الذي لم يفت في عضده، فانفرد للعمل بذاته في دمشق متنقلاً في مختلف الأقطار السورية والعروبة عرضة للمراقبة السياسية التي كانت له بالمرصاد.

الثورة السورية الكبرى: ولما حدثت ثورة جبل الدروز سنة 1925م كان الفقيد بدمشق يعمل في تجديد النهضة وتأليف المساعي، وإنشاء الأحزاب، وكان قد أنشأ مع الأستاذ الكبير فارس الخوري حزب الشعب السوري فعطلت الثورة عمله، ولكنها لم تتمكن من قتل الفكرة التي عاشت بعد الثورة منتظرة الفرصة السانحة للعودة والظهور والانتشار.

في مصر: وقد عاش الدكتور بعدها شهوراً في دمشق كان فيها عرضة لمراقبة الجواسيس والاضطهاد، فآثر الرحيل والانتقال إلى مكان يعمل فيه حرًّا، فانتقل إلى القاهرة واستقر فيها طبيباً وسياسيًّا عربيًّا يغذي بعمله الطبي عمله السياسي، ويجدد روح النشاط والأمل في صدور الرجال السوريين والعرب العاملين دون كلل في القاهرة.

عودته إلى دمشق: ولما كان حب الوطن يكاد يكون قاتلاً، فقد كانت وطنيته تدفعه إلى الانتقال إلى دمشق تحت ستار الطب، فيعمل فيها طبيباً يداوي الأجساد والأرواح، فتربص له الانتداب وأعوانه ودبروا له المؤامرات القاتلة.

اغتياله: قصده في عيادته الطبية ثلاثة مجرمين بصورة مرضى يطلبون المعالجة ويحملون في سلة سلاح الغدر، فأطلقوا عليه الرصاص وأودوا بحياته الغالية، وذهبوا بذلك النشاط العجيب.

استشهد يوم السبت في عشرة جمادى الثانية سنة 1359ﻫ الموافق 6 تموز 1940م، ودفن يوم الأحد في 7 تموز بجوار مقام السلطان صلاح الدين الأيوبي، وقامت الحكومة بالتحقيق، واعترف القتلة باغتياله بدافع ديني، فأعدموا شنقاً بدمشق.

*  *  *

 



([1] (أ) (2/ 126).

الأعلام