عبد السلام هاشم حافظ
عبد السلام هاشم حافظ([1])
(1927م)
هو شاعر مبدع أنبتته المدينة المنورة، فاستمد إلهامه من بيئتها المقدسة، يعتبر من قادة الفكر المجددين في المملكة العربية السعودية، ومن أركان الحركة الأدبية القائمة اليوم هناك والتي يرجى لها أن تؤتي ثمارها.
مولده ونشأته: هو عبد السلام بن السيد هاشم بن عثمان بن علي، وجده هذا كان نزح من مدينة (زعفران بول) التركية إلى الحجاز حيث استوطن المدينة المنورة منذ ثلاث مئة سنة، وكان صوفيًّا متزهداً حافظاً للقرآن العظيم والحديث الشريف، فدعوه بـ (حافظ)، وقد سرى هذا اللقب في بنيه وأحفاده وذريتهم.
ولد الشاعر المترجم يوم الإثنين السابع من شهر جمادى الأولى عام 1346ﻫ وتشرين الأول سنة 1927م، وتوفي والده وهو في السنة الأولى من ولادته، فكفله عمه السيد عبد القادر، وفي السنة الثالثة من عمره أصيب بشلل في قدمه اليسرى إثر إصابته بحقنة خاطئة في العضل، وتأثر بحياة عمه الصوفي، ودخل (الكتَّاب) للتعليم الابتدائي وحفظ القرآن، ثم دخل مدرسة الحكومة ونال شهادتها، وحال دون إكمال دراسته العالية إصابته بمرض القلب، ولكنه أخذ بإرضاء ميوله الأدبية، وتأثر في دراسته الخاصة بالرافعي، وجبران، وعلي محمود طه، وغيرهم. وبالرغم من تحرره الفكري فإنه لا يتهاون في شيء من سمو التقاليد العربية التي جاء بها الدين الحنيف، وله في ذلك مقالات كثيرة نشرتها صحيفة البلاد السعودية ومجلة المنهل بمكة.
مرحلة الشباب: لقد ثار هذا الشاعر على التقاليد الأجنبية الدخيلة التي أتاحت المجانة للمرأة والصحافة وغيرهما، وجاءت بها المدنية المجرمة، فأضلت الكثيرين عن مبادئ العرب كأمة لها تاريخها الوضاء، ودلت مؤلفاته على أن الشاعر المترجم قد أحب مبكراً وهو في السابعة عشر من عمره، ودام حبه العذري سبع سنين وهو حالم في الأمل المنشود، ولكن أمانيه انهدمت في جنة الوهم الضائعة، وزجَّت فتاته في زواج، وانصرف هو يندب سوء حظه، ووضع مذكراتها في (الحب القدسي)، وشعرها في ديوانه (وحي الهاجرة)، ثم ختام المأساة في ديوانه (مذبح الأشواق)، وقد كتب للسينما قصة (سمراء الحجازية) متأثراً بتاريخ تلك الفترة.
مؤلفاته: أصدر مؤلفه بعنوان: 1 ـ راهب الفكر، وهو ملحمة شعرية. 2 ـ ثورة الجزيرة، وهو أدبي تاريخي. 3 ـ قلوب كليمة، وهو قصص شعرية، وله مؤلفات مخطوطة. 4 ـ ألحان الأمل. 5 ـ صواريخ. 6 ـ أضواء. 7 ـ قلبي، ومؤلفات تاريخية منها: 8 ـ المدينة المنورة في التاريخ، وهو أدبي تاريخي. 9 ـ في المحراب. 10 ـ من أدب التصوف. 11 ـ من وراء القضبان، وهو تاريخ، وله قصص بعنوان: 12 ـ الحب القدسي. 13 ـرجع الصدى. 14 ـ بين عهدين. 15 ـ فاطمة. 16 ـ سمراء وهي قصة شعرية. 17 ـ تلميذتي، وهي شعر وقصة. 18 ـ الأم وهي قصة مطولة. 19 ـ مهد الحياة. 20 ـ قصص العذراء السجينة، وهي شعر وقصة. 21 ـحواء العارية. 22 ـ ملاكان في الأرص، وهو دراسة عن الرافعي ومي. 23 ـكيف تكون إنساناً مثاليًّا. 24 ـ وحقق بدار الكتب المصرية كتاب الأحكام النبوية في الصناعة الطبية للعلامة الشيخ عبد الكريم الحموي.
شعره: يتجه أسلوب الشاعر في نظمه وأدبه إلى التجديد ومعالجة مشاكل الشرق، وإلى الثورة على الاستعمار الأجنبي والسمو نحو حياة أفضل، وقد قسا عليه الدهر وهو في حالة يأس بسبب مرض قلبه، وأرهقته تكاليف الحياة وعدم التقدير، وهو ثابت جبار كما قال في ملحمته راهب الفكر:
يحيا كجبار ينازله الزمان | صلداً تكسَّر فوق أذرعه السنان |
وفي ملحمة هذا الشاعر روائع تعبر عن شعوره الحي، منها قوله:
هو شمعة في هيكل الفكر الرهيب | ودموعها أنفاس تلفظها الشفاه |
يفنى بوحدته على الشط الغريب | لرسالة قدسية تهوى الحياة |
ويعيش لهفاناً يؤرقه النحيب | ويذوب في حضن الشتاء مع الغروب |
ويتجلى سمو نبله في قوله:
هو قمة شماء تضرمها الفنون | لتضيء للناس الطريق وتحترق |
فإذا النجوم تجهَّمت فهو الأتون | يفدي بحيلته وينتهك الغسق |
هو جذوة المقرور والدفء الحنون | والثلج للحرَّان والعطر السجين |
وله قصائد وطنية كثيرة تشهد بطول باعه في النظم والأدب.
رحلاته: سافر إلى مصر ثلاث مرات للمعالجة والاستجمام والتعرف على الأدباء، ونشر من إنتاجه الأدبي ببعض المجلات، وذاع اسمه في الأوساط الأدبية والفنية، وتيسر له أمر الزواج من أديبة تعرف بـ (فتاة الهرم) وقد رأى فيها ضالته المنشودة، وكانت الواسطة إليها الأديبة المعروفة السيدة جميلة العلايلي، وهي تشجعه في مهمته الأدبية، وهب الله المترجم الأخلاق الفاضلة والنشاط في الإنتاج الأدبي بالرغم من سوء حالته الصحية.
* * *