جاري التحميل

عبد الصاحب الملائكة

الأعلام

عبد الصاحب الملائكة([1])

(1905م)

ولد في بغداد بعد وفاة والده بشهر واحد، فكفله جده لأمه العلامة الحجة الحاج حسن كبة، وبعد وفاته في السابعة من عمره كفله عمه، تلقى علومه في مدارس بغداد، ونال إجازة الحقوق، ومارس التعليم والترجمة والصحافة والمحاماة.

مواهبه الأدبية: لقد أنجبت أسرة الملائكة عدداً من الشعراء، فهو الشقيق الأصغر للشاعرة المرحومة (أم نزار الملائكة)، وخال الشاعرة العبقرية (نازك الملائكة) الشهيرة بمواهبها الأدبية الشامخة، وكان جده شاعراً، وأبوه المرحوم صادق الملائكة شاعراً ومؤرخاً، وأم نزار وأختها إحسان مثل نازك في الأدب والشعر، وأول ما قرأ من الشعر ديوان منسوخ بخط والده، وشعر لجده المنشور في نسخة خطية لكتاب العقد المفصل، ومساجلات شعرية بين جده والشاعر العلامة السيد محمد سعيد الحبوبي رحمهما الله.

وكانت والدته شاعرة تنظم القصائد لمآتم الحسين عليه السلام، وتقدمها إهداء إلى المرتلات.

وقد أصدر عام 1954م مجلة أدبية باسم (المثقف) فأصدرت السلطات أمراً بإغلاقها، وهو يجيد اللغة الإنكليزية، وله إلمام باللغتين الفرنسية والفارسية.

شعره: هو شاعر ملهم مرهف الحس في الوصف، تطرق في قوافيه إلى شتى المواضيع، وله ديوان شعر سماه (النغم التائه)، وهو تحت الطبع، امتاز شعره بمتانة الأسلوب، وجزالة اللفظ، وقوة التعبير، ومن قصيدة له بعنوان (عرش الخلود) في ميلاد الرسول الأعظم ـ وبها يندد بالمسلمين لما أصابهم من تفرق وتناحر ـ نقتطف منها قوله الرائع:

ذكراك ما كر الزمان تجدد

وهداك يوحي والدهور تردد

وتساءل التاريخ أي شاغل

عرش الخلود؟ أجابه هو أحمد

يا سيد الأكوان يومك خالد

رغم العدى والدين فيه مخلد

يا سيدي قد جاء شرعك واحداً

لكن معتنقيه لم يتوحدوا

إني تهيبت المقام فموقفي

في بابكم متشفعاً متردد

لا مادحاً حاشا ينالك مادح

ماذا أقول وكيف فيك أمجد

عفواً إذا قصرت عن هذا المدى

فعلاك نائية وشأوك أبعد

لتقصر الأفهام عن إدراكها

والله في القرآن خلقك يحمد

لكن نظرت لأمة أنشأتها

ومنحتها الإسلام كيما تخلد

فرمت كتاب نبيها وتمسكت

بعرى المفاسد واستمرت تجحد

حتى غدت لا يرتجى إصلاحها

وبما يؤول مصيرها لا تحسد

والمسلمون تفرقوا أيدى سبا

وتناكروا وتناحروا فتبددوا

فبكل يوم نكبة في أرضهم

ولكل حر أنَّة تتصعد

ومن قصائده الوطنية قوله بعنوان الطريق إلى الحرية:

سيلُ الدماء على طريقك جار

متعثراً بجماجم الأحرار

وتلوح مشنقة بكل ثنية

أرجوحة الأبطال والثوار

وبكل منعطف تحفز مدفع

يغتال كل مجاهد بالنار

وتحدث الأشلاء عن ظلم الألى

غدروا بها وتصيح: يا للثار

وتزمزم الأشباح في عرصاتها

غضبى تكيل الويل للغدار

هو ذا الطريق إليك يا حريتي

سأشقه بعزيمة الجبار

قل للطغاة السادرين بغيهم

لن تخنقوا حرية الأفكار

ومن قوله في الغزل وقد أبدع:

ابسمي لي عند الوداع فإني

لا أطيق الدموع عند الوداع

وأريقي من سحر عينيك خمراً

في عروقي كيما يخف التياعي

واصمتي فالصدى يفرق روحينا

وقد ألفا أعز اجتماع

لا تقولي لا تنسني أنت مني

ملءُ روحي وناظري وسماعي

ويصف نكبة فلسطين بعد الهدنة بحرقة وتفجع، واستمع إلى قصيدته العامرة بعنوان (سبيل الخلود) وقد أجاد:

وا خيبة الأمل الوليد

وا ضيعة الوطن الفقيد

وا صرعة الحق الهضيـ

ـم بصولة الظلم الحقود

وا نكبة الشعب الكريـ

ـم يذل للنذل الطريد

وا حيف قومي قد أنا

طوا أمرهم ليد اليهود

*  *  *

ورنا الشهيد سائلاً

ماذا نرد على الشهيد

أين الحماة ديارهم

أخلا العرين من الأسود

أين السيوف الباترا

ت وكيف نامت في الغمود

أين الحفاظ ورثتمو

ه مع الزمان عن الجدود

أرضيتم غدر اللئيـ

ـم وفتكه الحب الشريد

أنسيتم ثأراً لأبـ

ـطال تواروا في اللحود

ومضرجين معفريـ

ـن مطرحين على الصعيد

ومشتتين مشرديـ

ـن عن الديار إلى الحدود

لا يعرف الآباء كيـ

ـف مصير فلذات الكبود

من كل طفل تاه في

ليل من اليتم المبيد

أو ثاكل تشكو وتنـ

ـدب في الدجى فقد الوحيد

ومحصنات عرضهنـْ

ـنَ أبيح للخصم اللدود

وعلى الرمال أجنة

ذبحت على فرش المهود

يا للعروبة للرجا

ل ويا أولي البأس الشديد

هذا سجل العار في

تاريخكم هل من مزيد

فمتى ومن يمحو سجلـْ

ـلَ العار بالثار المجيد

*  *  *

يا أيها العربي هـ

ـذا الباب فأسرع للخلود

في ثورة هيجاء يبـ

ـقى ذكرها أبد الأبيد

شرهاء تلقف كل ما

يلقى لديها من وقود

حمراء لا تبقي عليـ

ـهم من قريب أو بعيد

هذا سبيل المجد هـ

ـذا معبر العيش السعيد

يا قادة العرب الأبا

ة كفى التشبث بالوعود

أتهادنون وخلفكم

جيش من العدد العديد

أتهادنون وقد أسا

موا قومكم سوم العبيد

أتهادنون وأرضكم

تهدى إلى الوغد الكنود

تالله مـــا أنصفتم

ما ذاك بالرأي السديد

أما الذي حالفتم

فأشد نكثاً بالعهود

جربتموه فهل وجد

تم غير خداع جحود؟

فدعوا التفاوض للضعيـ

ـف وحكموا لغة الحديد

*  *  *

 



([1] (أ) (2/227 ـ 229).

الأعلام