عبد العزيز الإدريسي الحسني
عبد العزيز الإدريسي الحسني([1])
الشاعر الألمعي المرحوم الأمير عبد العزيز الإدريسي الحسني الجزائري
وهذا نابغة من نوابغ أمراء الأدارسة في الجزائر، مرت حياته القصيرة كعمر الورود الفواحة، وذبلت قبل أوانها، ولو أطال الله في أجله لكان له شأن يذكر بين نوابغ الأدباء والشعراء.
نشأ في مهد العز والمجد، فأحسن والده تربيته، وهذا شأن أمراء الأسر الكريمة بالاعتناء بتثقيف أبنائهم، يسعد المجتمع من ذكائهم الفطري ومواهبهم الفذة.
بزغ نجم الأمير في سماء دمشق سنة 1860م، تلك السنة المشؤومة التي خلد ذكرها فضائل الأسرة الجزائرية ونجدتها ومروءتها الإسلامية الأصيلة، وهو ابن الأمير الحسن بن الأمير علي طالب عم الأمير عبد القادر الحسني الجزائري الشهير بحرب الجزائر ضد المستعمرين الفرنسيين، ويتصل نسبه الكريم بالأدارسة.
ثقافته ومواهبه: ومن مبادئ أمراء هذه الأسرة القومية تدريس أبنائهم القرآن الكريم، لتنقاد لهم نواحي البلاغة والمنطق، فحفظ الأمير المترجم القرآن العظيم عن ظهر قلب غيباً وهو صبي يافع، ونطق بالشعر وهو في الحادية عشرة من عمره، وتعلم اللغة التركية في بيروت فأجاد النطق بها.
تلقى علوم الفقه والمنطق عن ابن عمه العلامة الكبير المرحوم الأمير محمد المرتضى والد زوجته وابن أخ الأمير عبد القادر الأكبر المسمى بالأمير السعيد، ونال الشهادة العليا من جامعة الحقوق في الأستانة بدرجة ممتازة، وحفظ القوانينالعثمانية في عصره، وعين لوظيفة مستنطق أول في بيروت.
أدبه وشعره: كان الأمير رحمه الله محبًّا للفنون والعلوم، أديباً ناثراً وشاعراً مجيداً، له ديوان شعر مخطوط، تناولته الأيدي فضاع أثره بسبب الإعارة، ومن نظمه الارتجالي مدحه لتحسين باشا الكاتب الأول في المابين العثماني إثر خروجه من لدن السلطان عبد الحميد:
مابين ديوان الخلافة سره | أبداً على طول الزمان مصون |
ما دام كاتبه وحيد زمانه | خدن العلى وقرينها تحسين |
وكان يهوى الغزل، فمدح ابن خاله الأمير المرحوم علي باشا الجزائري بن الأمير الشهير عبد القادر الجزائري بقصيدة، منها قوله:
أما والحب قد برح الخفاء | وعزَّ من المليحة لي وفاء |
تمنيني فتطمعني بقرب | ويمنعني ويمنعها الحياء |
ولا عجب إذا وعدت وحنَّت | على صب أضرَّ به الجفاء |
ومنها:
مهاة قد زهت تيهاً وعجباً | وزان قوامها منه السناء |
إذا خطرت يغار الغصن منها | وإن سفرت تراق لها الدماء |
ومنها:
عليُّ القدر يا شمس المعالي | ويا مولى به يحلو النداء |
تمنى من حياتك كل آن | ودم للمجد ما حسن الهناء |
إليك فريدة تزهو جمالاً | وما غير القبول لها جزاء |
وفاته: مرض الأمير رحمه الله بالتهاب اللوزتين، وأجرى له الدكتور (اجراهام) عملية الاستئصال، فقضى نحبه متأثراً من نزيف دموي وهو في سن الكهولة المبكرة، وذلك في سنة 1904م، ودفن بمقبرة الباشورة في بيروت، وأنجب ثلاثة أولاد ذكور، وهم:
الأمير خالد: وقد ولد بدمشق سنة 1889م، وتلقى علومه في الأستانة، وتقلب في عدة مناصب إدارية كبيرة، ثم انقطع عنها إلى الحياة الزراعية.
ومن مزاياه البارزة طموحه وشوقه إلى أرض أجداده وهي الجزائر.
الأمير مختار: وقد درس في جامعة الهندسة الألمانية، كاتب مفكر عرف بتآليفه للدفاع عن حرية الجزائر.
الدكتور الأمير علي: وقد ولد سنة 1900م، درس في معاهد بيروت وتركيا، وأنهى تحصيله في ألمانيا وفرنسا، واختص في الشؤون الزراعية والاقتصادية والسياسية، وألف تاريخ سوريا الاقتصادي في اللغة العربية، والإصلاح الزراعيفي اللغة الألمانية، والعلاقات الاقتصادية التاريخية بين فرنسا وسوريا في اللغة الفرنسية، و(كنت في باريس)، وهو اقتصادي معروف.
* * *