عبد العزيز البشري
عبد العزيز البشري([1])
الشيخ عبد العزيز البشري
1871 ـ 1943م
هو ابن المرحوم الشيخ سليم البشري الذي كان شيخاً للجامع الأزهر في عهد من أنبغ عهوده العلمية، وأكد الذين عرفوه أنه عاش أكثر من سبعين سنة، فتكون ولادته في سنة 1871م على وجه التقدير، نشأ في مهد العلم والنعمة، كان من طلاب الأزهر، ثم عزف عن حلقات الدرس ودأب على مراسلة الصحف الأدبية، فكان من رسل النهضة الحديثة التي كانت تتوامض أضواؤها في أفق الأزهر.
في خدمة الدولة: اختارته وزارة المعارف ليكون محرراً فنيًّا لها، وشاء القدر أن يكون موظفاً ورئيساً إداريًّا، وقاضياً شرعيًّا، فقيدته الوظيفة بأمراس من حديد، فما كان يستطيع الكتابة بتوقيعه الصريح، وكان يخشى أن تُنسب مقالاته لغيره، فكان يُطلع أصحابه بما ينشره ليعلم الناس أن هذه الجزالة اللفظية، وهذا الترف البياني، والترصيع الإنشائي، كل أولئك من صنعة المترجم.
كان أديباً ملء إهابه، ولو اقتصر عمله على الأدب والكتابة لجاء فيهما بالعجب، وليس ينتقص من قدر الأديب الصحيح سوى الوظائف التي لا توائم طبائعه ولا تتفق مع سليقته.
لقد كان وكيلاً لإدارة المطبوعات، ثم مراقباً لمجمع اللغة العربية، وقد توفي وهو يشغل المنصب الأخير.
آثاره: أخرج كتاب 1 ـ المرأة وهو أول كتاب من نوعه في الأدب العربي.2 ـ التربية الوطنية لتلاميذ المدارس. 3 ـ شارك في وضع المجمل في الأدب العربي لطلبة المدراس الثانوية. 4 ـ نشر مقالاته بعد غربلتها في كتاب أسماه (المختار) في مجلدين.
لقد نظم الشعر في صباه، وكان ينشره في جريدة (الظاهر) هجواً في المرحوم الشيخ علي يوسف صاحب المؤيد، ومن عادته أنه كان لا يحتفظ بشيء مما يكتبه، وكان في صباه يمضي الليل ساهراً ولا ينام إلا غراراً، فتحطم من ذلك جسمه وتضعضت في الكهولة صحته، وهكذا طوى الأعوام العشرة الأخيرة من حياته مريضاً، ما كاد ينقه حتى تعاوده العلة، وكان يصطاف في ضاحية (سوتش) الجميلة في الإسكندرية، شديد الولوع بالفن أغرم به من مشرق الصبا، وكانت له صحبة ومخالطة بأهل صناعة الغناء، وأدرك من المطربين عبده الحمولي، ومحمد عثمان، ويوسف المنيلاوي، وعبد الحي حلمي وغيرهم، وعلى هذه يكون عمره قد نيف على السبعين.
كان حسن العشرة، بارع الحديث، سريع الخاطر، يجيد المفاكهة، ويستضحك بنوادره الباكي الحزين، عصبي المزاج يثور لأقل بادرة، وفي سبيل ذلك يهدر الصداقة القديمة، ومن أجل هذا المغمز كان كثير من أصدقائه يتقونه ويتحاشونه ويخافون سقطات لسانه.
وفاته: لقد أضناه المرض الوجيع حقبة من السنين، وفي صباح يوم الخميس 25 آذار سنة 1943م وافاه الأجل، ومضى غير مذكور إلا من قلة عرفوا فضله ولم يمجدوه، ودرسوا أدبه ولم يجتووه، وهو الأديب المصري الذي لم يعقد له حفل تأبين يتوافى إليه معارفه وأصدقائه.
* * *