جاري التحميل

عبد العليم الصافي

الأعلام

عبد العليم الصافي([1])

(1916م)

لقد جمعت أسرة آل الصافي بين الدين والعلم والأدب، وأنجبت منهم أعلام الرجال، ونحن نتحدث عن شاب اكتملت فيه مكارم الأخلاق، واتسمت بمواهبه الرجولة والذكاء والعلم والأدب، فقد نشأ في بيئة فاضلة، ونهل من علوم والده العلامة الجهبذ وردها الصافي، وفيها كل طارف وتليد، ولد في حمص سنة 1916م.

دراسته: أنهى دراسة دار المعلمين الابتدائية عام 1934م، فعمل معلماً في المدارس الابتدائية، ثم أنهى دراسته الجامعية في دمشق سنة 1950م، فنال الليسانس في الآداب ودبلوماً في التربية والتعليم وليسانساً في الحقوق. فعمل مديراً لتجهيز بنات حمص، ثم للتجهيز الثالثة، فالثانية فالأولى، ثم اختارته وزارة المعارف مديراً للتربية والتعليم في حمص، وهو أكبر منصب ثقافي رفيع توصل إليه المترجم وما زال في مطلع شبابه وفجر نبوغه، وهو منصب له مسؤولياته الكبرى، يعز نواله على من كان في مثل عمره، وهذا أكبر دليل على تقدير نبوغه.

مواهبه: له دراسات تحليلية وأدبية فذة وهي: 1 ـ عن رسالة الكتاب للجاحظ. 2 ـ عن أبي العلاء المعري، وهي رسالة قدمها لكلية الآداب في دمشق. 3 ـ عن ديك الجن الحمصي، وتعتبر أول دراسة علمية وأدبية من نوعها. 4 ـقصيدة ابن الرومي في رثاء البصرة.

شعره: لقد تمكن من آداب اللغة، فانقادت لمواهبه الموروثة وإمكانياته الأدبية الغزيرة قوافي القريض، وهو ينظم الشعر مع كثرة مشاغله، ولو تفرغ للنظم والأدب والتأليف لكان له في هذا الميدان شأن كبير.

له شعر رائع لم ينشر، منه قوله في الخمريات التي عصمه الله منها، ولكنه تغنى بها كشعراء الصوفية:

ردي علي الكأس

عل الطلا ينسي

لا تعبأي بالناس

حسبي رضا نفسي

ورثا صديقه الأستاذ المرحوم مغامس ـ وكان رفيقه في الدراسة ـ بقصيدة، منها قوله:

مغامس. هل تصغي أبثك زفرتي

فقد ضقت بالآلام يا صاحبي صدرا

هو الإثم يا صاحي يقض مضاجعي

ويورثني البلوى ويسقيني المرا

وبي ظمأ للماء واه لجرعة

فهل أرتوي يا صاح في داري الأخرى

ومن قصيدة له بعنوان «صلاة» قدم لها بما يلي: في ساعة يأس مريرة يلجأ الموجود إلى واجد الوجود يصلي، ومنها يدرك القارئ أن الإيمان رقد في قلب هذا الشاعر الملهم إذ يقول:

عونك اللهم هذا الـ

ـيأس هل يقضي عليا

أأظل العمر نهب الـ

ـهم يغري بردتيا

وهن الجسم وكان الـ

ـجسم بالأمس قويا

وذوى روض شبابي

بعد أن كان نديا

عونك اللهم ما أخـ

ـشى من الدهر وشره

ما أبالي إن سقاني

بجناه أو بمره

شرة الدهر وإن أو

دت من العيش بقره

هي كالخمر مذاقاً

رحت أسقاها رضيَّا

عونك اللهم ما أخـ

ـشى من الداء وفتكه

علة الجسم تناهى

لشفاه أو لهلكه

والردى خير المنى يا

ليتني أحظى بدركه

عل في الموت فناء

أو هناء أبديا

إنما أخشى عذاباً

بين جنبي خفيَّا

جاحم نيرانه تز

داد في عقلي صليا

عونك اللهم هل أسـ

ـتطيع في العيش مضيا؟

*  *  *

 



([1])   (أ) (2/92 ـ 93).

الأعلام