جاري التحميل

عبد القادر ابن بدران الدوماني

الأعلام

عبد القادر ابن بدران الدوماني([1])

العلامة والشاعر المتفنن المرحوم الشيخ

عبد القادر ابن بدران الدوماني

أصله ونشأته: هو الشيخ عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بن عبد الرحيم، المعروف لقباً بابن بدران الدوماني، وهو من أسرة دومانية قديمة.

ولد في دوما سنة 1848م، وتلقى علومه على جهابذة العلماء، وأشهرهم الشيخ العلامة محمد بن عثمان الحنبلي المشهور بخطيب دوما المتوفى في المدينة المنورة مدة ست سنوات. وعكف على المطالعة لنفسه، وبرع في سائر العلوم العقلية والأدبية والرياضية وتبحر في الفقه والحديث والنحو، فكان رحمه الله علماً من الأعلام.

تدريسه بدمشق: وأقام أكثر حياته يدرس تحت قبة النسر في الجامع الأموي التفسير والحديث والفقه، وكان كثير التنقل بين قرى غوطة الشام لتبليغ العلم للعامة وتعليمه للطلبة الذين لا يستطيعون الرحلة.

وكان يدرس في مدرسة عبد الله باشا العظم في البزورية وينام فيها، ويعيش من الراتب المخصص له من دائرة الأوقاف.

مؤلفاته: ألف رحمه الله المؤلفات التي تشهد له بالفضل وسعة الاطلاع، غير أن بعضها لم يكمل لإصابته بداء الفالج في آخر عمره، وقد تخدرت عيناه من الكتابة، ومن مؤلفاته القيمة جواهر الأفكار ومعادن الأسرار في التفسير لم يكمل، وكتاب شرح سنن النسائي لم يكمل، وشرح العمدة، سماه مورد الأفهام من سلسبيل عمدة الأحكام وهو جزءان، وشرح ديوان ابن عساكر، وشرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد الحنبلي، وشرح الأربعين حديثاً المنذرية، وشرح كتاب أخصر المختصرات، وألف المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وله مؤلفات لا مجال لذكر أسمائها لكثرتها، وله ديوان خطب منبرية، ورسائل في الفتاوى في أصناف العلوم ما لو جمع لبلغ مجلدات. وفي المجامع العلمية الشامية والمصرية بعض النسخ المخطوطة من مؤلفاته.

شعره: كان شاعراً وأديباً وقطباً وعالماً فذًّا بليغاً، فجمع شعره في ديوان خطي، وفقد مع أكثر مؤلفاته عند وفاته في المدرسة وليس حوله من أهله أحد يحافظ على مخلفاته العلمية والأدبية، ومن شعره البديع تخميسه بيتين من نظم شاعر دوما الأستاذ محمود خيتي طلب إليه تخميسهما، فقال وقد أبدع:

اليسر يعلو وللإعسار إدبار

والله يحكم ما يقضي ويختار

إن أم دفر جفت أو أهلها جاروا

(خفض عليك فللأقدار أدوار)

وحاذر الدهر إن الدهر غدار

كن كالمهند في الرمضاء إن خطرت

ظلماء كرب وجليها إذا انفطرت

وكن بنفس عنان الدهر قد أسرت

ولا تكن وجلاً من كتلة غدرت

فللبغاة ليال نورها نار

رحلاته: وسافر في رحلة إلى بلاد الغرب تونس والجزائر وأقام مدة ستة أشهر، واشترك في عهد الأتراك بتحرير جريدة المقتبس، وكان يهوى المطارحات والمساجلات الشعرية مع الشعراء والأدباء.

أوصافه: كان شيخاً جليلاً زاهداً في حطام الدنيا، متقشفاً في ملبسه ومسكنه ومعيشته، لقد آثر العزوبة في حياته ليتفرغ لطلب العلم والتدريس، وقد استفاد المجتمع من فضله وعلمه، وأنجب تلامذة أصبحوا أعلاماً خالدين، وأشهرهم العلامة اللغوي الأستاذ سليم الجندي.

كان رحمه الله ذا قرعة طويلة امتدت إلى أسفل رقبته، أعمش العينين، شبيه الحوراني وابن الحافظ في الخلقة، يمتاز بمناقبه الحميدة، ويتيه اعتزازاً بعلمه وفنونه.

كان الملك ابن سعود يثق به ويعتمد عليه في محاربة البدع، وكان مفتي الديار الحجازية في سوريا.

وفاته: لقد أصيب بمرض الفالج في آخر أيامه، وفي شهر ربيع الثاني سنة 1346ﻫ ـ 25 أيلول سنة 1927م وافته المنية، ودفن في مقبرة باب الصغير بدمشق.

*  *  *

 



([1] (أ) (1/ 224 ـ 225).

الأعلام