عبد الكريم سلمان
عبد الكريم سلمان([1])
الشيخ عبد الكريم سلمان
(1849 ـ 1981م)
مولده ونشأته: ولد المرحوم في قرية (جنبواي) إحدى قرى مديرية البحيرة، من أبوين كريميالأخلاق، فالأب ألباني الأصل، والأم عربية المحتد، وكان بين بيتهوبيت الإمام محمد عبده تعارف أهل الجوار، فلما جاورا في الأزهر تعاشرا معاشرةالأهل، لا الطلاب، ولما خرجا إلى ميدان العمل تعاونا واتفقا في الآراء والمقاصد.
وقد تعذر علينا معرفة تاريخ ولادته، وأكد الذين عرفوه أن المترجم هو في سن الإمام محمد عبده، فتكون ولادته سنة 1849م أو قبلها أو بعدها بسنة على وجه التقريب.
مواهبه: كان من أنفع علماء مصر، ومن أبرع كتابها، وقاضياً من أعدل قضائها، وأحد أعلام النهضة الإصلاحية الجمالية الأفغانية، ولعله كان أذكى ذهناً من الإمام محمد عبده، ولكن الإمام فاقه ففاته في الجد والاجتهاد، وتسديد سهام الإدارة إلى كل مراد.
كان يسكن مع الإمام محمد عبده في حجرة واحدة في الجامع الأزهر، ويقضي جلَّ ليله في المطالعة، وكان الشيخ عبد الكريم وغيره من رفاقه يحاولون أن يحملوه على مشاركتهم في سمرهم ومايلهون به، فيعيبهم ذلك منه، ولو كان للمترجم مثل جد الإمام وعزيمته لكانللأمة منه نابغة طار صيته في الأقطار.
وكان أول عمل تولاه الإمام محمد عبده هو رئاسة تحرير الجريدة الرسمية وإدارة المطبوعات، فكان الشيخ عبد الكريم عضده الأول فيقلم التحرير، ثم كان خلفه بعد اعتزاله العمل باعتقاله مع زعماء العرابيين إثراحتلال الإنكليز لمصر، وبقي في عمله حتى عاد الإمام من المنفى.
ولما شرع الإمام بعد استقراره بمصر في إصلاح التعليم في الجامع الأزهر كان المترجم ساعده الأيمن في ذلك من أول العمل إلى آخره، وكفاه فضلاً وكرامة أنه كان عشيراً أنيساً وفيًّا للإمام محمد عبده في أول نشأته العلمية، وعضواً عاملاً معه في النهضة الإصلاحية الأولى، وفي الحركة الاصلاحية الثانية.
وبعد خروجه من خدمة المطبوعات عين عضواً (قاضيا) في المحكمة الشرعية العليا، وقد دب في قلبه اليأس من صلاح حال المسلمين، فأقعده في آخر عمره عن مساعدة أعمال الإصلاح العام، وقد دبَّج يراعه البليغ مقالات كثيرة في موضوعات شتى متفرقة في الصحف، كالوقائع المصرية، ومجلة الآداب، وجريدتي المؤيد والمقطم.
وفاته: كان المترجم طويل القامة، عظيم الجثة، قوي البنية، فاعتراه قبل وفاته بسنين مرض في المعدة، وتوفي فجأة بسكتة قلبية في شهر شعبان سنة 1336ﻫ مايس 1918م، ونقل جثمانه من بلدة الرحمانية إلى مصر، ودفن بجوار صديقه الإمام محمد عبده، وأنجب ولداً اسمه (حسان).
* * *