عبد اللطيف الملوحي
عبد اللطيف الملوحي([1])
(1920م)
مولده ونشأته: وهو السيد عبد اللطيف بن سعيد بن أنيس سعيد بن أنيس ابن زكريا الملوحي، ولد في حمص عام 1920م، وتلقى العلم في المدرسة الخيرية الإسلامية، ومن ثم دار العلوم الشرعية، وانقطع عن الدراسة لأسباب خاصة قاهرة وعوامل نفسية، أهمها: تعدد الميول من تلاوة، وترتيل القرآن الكريم، واهتمامه بالأغاني والموشحات قديمها وحديثها، وعكفه على الشعر والأدب والتمثيل منذ الطفولة.
نكبته في حياته: تزوج للمرة الأولى بتاريخ 9 تشرين الأول سنة 1948م، فأنجب ولده الأول (محمد مازن)، وشاء القدر أن يمعن في قسوته على هذا الشاعر ليفجر قريحته، فماتت زوجته والمولودة أثناء ولادتها في دار التوليد بدمشق، فبكاها ورثاها، ونظم قطعة شعرية مؤثرة أسماها (لوحة قبر)، قال فيها:
ولدت فكنت في دنياك عيدا | ومت وفي جنان الخلد عيد |
بكيتُ عليك حتى جف دمعي | ومزّق خافقي الألم الشديد |
وطفلك (مازن) في كل يوم | يسائلي متى أمي تعود |
سؤال ماله عندي جواب | وطفل كاد تقتله الوعود |
يريد لأمه رجعاً قريبا | ويأبى الله إلا ما يريد |
وقد تزوج للمرة الثانية، وقضى مدة تقارب العشر سنوات في بطالة، فكان عندما يسئل عن عمله يقول: (مهندس طرق)؛ أي أنه يزرع الشارع في حمص ذهاباً وإياباً، ويعد حجارته السوداء التي كحظه في الحياة.
في خدماته الدولة: عين بمسعى رجل صالح طيب في مكتب تفتيش الدولة، وعهد إليه بمسك دفاتره الصادرة والواردة، وقد أرهقته كثرة الأعمال، فقال يشكو أمره إلى رئيسه لينصفه:
مرت في الأرقام مرعبة | تزهو بالآف من الحرس |
ما بين واردة وصادرة | أصبحت (كالرقاص) في الجرس |
فالصدر مني صار منقبضا | والقلب في حرب مع النفس |
يا سيدي إني عييت ومن | حق الرعاية درس ملتمسي |
لو لم أكن بالصبر معتصما | لغدوت من حزني لمندرس |
حسب المروءة أنني رجل | طهرت وجداني من الدنس |
وإذا القصور تصدعت وهوت | فاسأل عن الأركان والأسس |
شعره: هو شاعر موهوب ورث سليقة الشعر عن أجداده، ونظم القوافي قبل أن يتمكن من دراسة الأدب والعروض، له ديوان شعر أعده للطبع، وقد نظم الشعر في مختلف اتجاهاته من غزل ورثاء وسياسة واجتماع، وقد حلق في الهجاء (أعوذ بالله من الهجاء)، ومن قوله البديع في الغزل:
نظري طاف واستقر عليها | فرأيت الربيع في عينيها |
تأملتها طويلاً فخافت | نظراتي وقطبت حاجبيها |
ولوت جيدها وصهرت الخـ | ـد وهزت تحدياً كتفيها |
وعلا وجهها اضطراب ولاحت | وثبات الدماء في خديها |
حسبتني من الذين إذا ما | نظروا غادة أساؤوا إليها |
لا تخافي فإن نفسي لا تحـ | ـمل إلا الإباء في جنبيها |
وممن أنجبتهم هذه الأسرة الموهوبة المرحوم الشيخ سعيد الملوحي، والد الشاعرين الأستاذين عبد المعين وعبد اللطيف الملوحي، فقد كان عالماً كبيراً، وخطيباً بليغاً، امتاز بالفضل ومكارم الأخلاق.
ومن أبنائه الشيخ أنس الملوحي، وهو الشقيق الأكبر للشاعرين المذكورين، وقد كان قاضياً ممتازاً، ثم اختير عضواً في المحكمة العليا للاستفادة من مواهبه، وقد امتاز بالتضلع في اللغة العربية والعلوم الشرعية وموهبة الخطابة وبلاغة الإنشاء، واشتهر كأبيه في رجاحة العقل والنزاهة والتجرد.
ومن أبنائه الأستاذ عدنان الملوحي، فقد نشأ عصاميًّا وشق لنفسه طريق الحياة بنجاح، وهو صاحب جريدة الطليعة، ومن أبناء عمه الأستاذ الحاج رشيد الملوحي المنشئ والخطيب المعروف، والمحرر في أكبر صحف دمشق.
* * *