عبد المسيح الحداد
عبد المسيح الحداد([1])
أديب الصحافة اللوذعي الأستاذ الكبير عبد المسيح
الحداد الحمصي
ولد الأستاذ عبد المسيح الحداد في حمص سنة 1890م، وتلقى دراسته في المدارس الطائفية الابتدائية، وهاجر إلى الولايات المتحدة سنة 1907م، وأسس جريدة السائح الغراء سنة 1912م، فإذا ذكر صحفيو المهجر، وذكر ما لهم من الجهاد في عالم الأدب والتأثير الحسن في تكييف حياة الجالية الوطنية؛ يتبارد إلى الذهن اسم عبد المسيح الحداد منشئ السائح وصاحبها من أعلام الأدباء.
لقد خدم هذا الكاتب الألمعي الأدب والثقافة والوطن، فكان أنبل عنصر تجلت في روحه القومية العربية، وهب يراعه ولسانه للذود عن حمى وطنه وكرامتهوعروبته، فما ونى ولا استرخى في عقيدته الغسانية، وله آثار أدبية قيمة مبعثرة في مجلدات السائح، وقد جمع منها ما كان على أسلوب الأقصوصة في كتاب حكايات المهجر المشهور.
رحلته على البرازيل: ودعته الجالية الحمصية في سان باولو لزيارة البرازيل، فلبى الطلب وسعد المجتمع العربي برؤية طلعته التي طالما تاق لها المتشوقون المعجبون بمناقبه ومآثره الحميدة، فكان طوال مدة إقامته موضع الحفاوة والإجلال، وأقيمت له حفلات تكريمية كبرى تليق بمكانته ومواهبه الأدبية الغزيرة، وهو شقيق الشاعر الألمعي المرحوم ندرة حداد، وإن حمص التي تعتز بولدها البار المغترب لتأمل أن يكون للمجتمع العربي بنراساً ومثالاً حيًّا يقتدى بمبادئه القويمة، ونرجو له الصحة والنشاط ليستمر في أداء رسالته القومية التي ما انفك يؤديها على صفحات السائح الغراء ثلث قرن ونيف.
* * *
427 ـ عبد المعين الملوحي([2])
(1917م)
مولده ونشأته: هو الأستاذ عبد المعين بن المرحوم الشيخ سعيد الملوحي، ولد في حمص سنة 1917م، وتلقى دراسته في دار المعلمين العليا، ونال إجازة الأداب العربية من جامعة القاهرة سنة 1945م.
في عام 1941م عين معلماً في المدارس الابتدائية، وظل حتى عام 1945م، وجدير بالذكر أن الإمم الراقية تعهد إلى أقدر المعلمين للتدريس في المدارس الابتدائية ليوجهوا النشء إلى المثل العليا.
وفي عام 1945م عهد إليه بتدريس اللغة العربية، وبقي حتى عام 1952م، ثم انتدب مفتشاً للمدارس الثانوية الخاصة، ومازال يؤدي رسالته التعليمية بما فطر عليه من نبل وصدق ونشاط.
نشاطه الأدبي: لقد ورث المترجم السليقة الشعرية عن أجداده، وزاده رسوخاً تمكنه من اللغة العربية واختصاصه في دراسة الأدب، فهو شاعر ملهم ذو قريحة طيعة، وافر الإنتاج في أسلوب مشرق مكين.
وفي 24 تموز سنة 1946م اقترن، ولكن شاء القدر أن يفجعه بزوجته، فصهرته الآلام والأسى، فجادت قريحته بروائع الشعر، فقد رثاها بخريدة تعتبر من درر الشعر الحديث وتتألف من (305) أبيات، وقد قرظها الدكتور جميل صليبا عميـد كليـة التربيـة، فقـال عنهـا: لـم أسمع لشاعر شرقي أو غربي قديم ولا حديث أعظم من هذه القصيدة التي ضمنت لها الخلود.
وقد آثرنا نشر بعض مختارات منها ليطلع القارئ على شاعريته الفذة:
أحبيبتي لا تطلبي | مني الوفاء ولا الأمانة |
أصبحت شيئاً ليس يد | ري ما الوفاء وما الخيانة |
الروض والأطيار والـ | أنهار قد نسيت هوانا |
ومضت كما كانت تفيـ | ـض من الحنان على سوانا |
والشمس ما زالت كما | كانت تفيض وتشرق |
والغصن يزهر حين يلـ | ـمسه الربيع ويورق |
والغرفة الزرقاء في | أفياء (إهدن) لا تبالي |
ساءلتها عنا وعن | أسرار هاتيك الليالي |
فوجدتها خرساء مدْ | ـدَت في غباء ساعديها |
كالمومس العمياء من | تسمع تخله رنا إليها |
مرآتها لمعت تريـ | ـد لوجهها وجهاً جديدا |
وسريرها متوثب | مترقب عرساً سعيدا |
فتركتها أسعى وحيـ | ـداً نحو أرزتنا الوحيده |
فوجدتها لم ترع مفـ | ـجوعاً ولم تندب فقيده |
أغصانها امتدت على | غيظ لتطردني وحزني |
وحفيفها غضبان يصـ | ـرخ: يا شقي إليك عني |
فمضيت لا حجر ولا | شجر ولا بشر أراه |
وشربت وحدي لوعتي | ودفنت في قلبي أساه |
وهناك قمت على الصخو | ر الصم صلباً كالصخور |
أقوى من الدنيا وأسـ | ـمى من تصاريف الدهور |
ومن قصيدة له بعنوان (بين الموت والحياة):
أنا إن عشت ولم أد | رك بكفيّ السحابا |
لم أنل من أمل أهـ | ـذي به إلا السرابا |
قابعاً في حجرة أقـ | ـرأ في الصف الكتابا |
مملياً، والطفل فوق الطْـ | ـطِرس ينصب انصبابا |
مفنياً جسمي عذابا | قاتلاً نفسي اكتئابا |
فبحسبي أنني ما | خنت في العلم الشبابا |
دائباً أجلو عن البا | طل والحق النقايا |
نازعاً بسمة إعجا | ب هي السحر مذابا |
كنت سيفاً لقي الصخـ | ـر فأوراه وذابا |
وإذا عشت فقيرا | لم أنل إلا العذابا |
لم يجدني ظالمي أر | جو على ظلمي ثوابا |
لن يرى مني اعتذارا | لم يرى مني عتابا |
لن يرى إلا حرابا | تتارى وحرابا |
وشعوباً تتلظى | وجماهير غضابا |
لست أرجو رحمة ولـ | كنني أرجو انقلابا |
نحن في الدنيا نضال | ذل من هاب وخابا |
لن ترى الرفق ذئاب الشْـ | شَعب ما دامت ذئابا
|
مؤلفات: لقد جمع من قوافيه ديوان مخطوط يحتوي على سبعة آلاف بيت من الشعر، وهو مزمع على نشره متى ساعدته الظروف، وهو بالإضافة إلى تضلعه في اللغتين العربية والفرنسية وآدابهما يلم باللغتين بالإنكليزية والسريانية، وسيكون لهذا الشاعر المبدع شأن خطير في عالم الأدب، وقد ترجم من الفرنسية إلى العربية كتاب (لمكسيم غوركي)، وطبع في مصر عام 1944م بعنوان (ذكريات)، وله عدد غير قليل من التراجم والقصص، وهو عضو مؤسس في رابطة الكتاب العرب، وفي عام 1957م قام برحلة إلى تشكلوسلوفاكيا في بعثة ثقافية.
* * *