عدنان مردم بك
عدنان مردم بك([1])
(1917م)
هو الشاعر المبدع الأستاذ عدنان بن معالي العلامة والشاعر العبقري سليل المجد والثقافة المثلى الأستاذ خليل مردم بك رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق، ولد في دمشق سنة 1917م، وكانت دراسته الابتدائية والعالية في مدارسها، وقد نال عام 1936م شهادة بكالوريوس آداب، ونال عام 1937م شهادة بكالوريوسفي الفلسفة، وانتسب إلى كلية الحقوق بدمشق، وتخرج منها بعد أن نال إجازة الليسانس عام 1910م.
في خدمة القضاء: مارس المحاماة مدة من الزمن، ثم في عام 1948م عين قاضياً للتحقيق بدمشق، وترفع في مناصب القضاء، ويشغل الآن وظيفة مستشار محكمة الحقوق الاستثنائية، وينتظره مستقبل باسم زاهر يؤهله للمناصب العالية بعد أن أظهر جدارة وكفاءة ونزاهة في مراحل عمله.
شعره: رضع هذا العالم الملهم ثدي الأدب في مهده، وكان لمدرسة البيت والبيئة الفاضلة التي يعيش فيها بكنف والده أثر بليغ في توجيهه إلى المثل العليا.
أدبه: لقد تفتحت قريحته المتقدة ونضجت، فجادت بالقريض البليغ وهو في ريعان شبابه وفجر نبوغه، وقد أخرج ديوانه الشعري (نجوى) الذي طبعته له دار المعارف بالقاهرة، وهذه شذرات مختارة مما أبدعته قريحته، يفوح منها عبير ينعش الأرواح، يتجلى فيها قوة الوصف الأنيق في مرحلة ربيع الحياة، وهي تزخر بالخواطر وسمو الخيال، تعبر عما تختلج به روحه.
المغيب
أبريق ما أرى خلف السحاب | أم سطور تتراءى من كتاب |
عجبي للشمس مما سطرت | حينما جدت ببين واغتراب |
حالت الأفق خضماً من دم | يتلظى بلهيب واضطراب |
وطفا النور كسيل جارف | في حواشي الأفق محموم الرغاب |
صور شتى أفانين المنى | حكت الرؤيا بأهداب الشباب |
فكأن السحب والنور بها | مائج فلك تهاوت في عباب |
سفن للنور راحت ترتمي | ناشطات السير في شتى الشعاب |
نشرت راياتها مؤذنة | بافتراق ثم جدت في انسحاب |
أي شجو هيجت شمس الضحى | حين غابت وأثارت من عذاب |
* * *
عرت الوحشة أكناف الربا | فأوى (السوسن) جيداً باكتئاب |
يتنزى من شجون وأسى | نزوان الطير في قيد العقاب |
رب صمت من كئيب موجع | حقق المعنى وأغنى عن جواب |
والخزامي أطرقت مغمضة | مقلة إطراق دل وعتاب |
غلب اليأس عليها فارتمت | كخليج ناء من وقر الشراب |
أو كمشتاق سرت في نفسه | سورة الشوق إلى رؤيا الصحاب |
قام يرنو من حنين للحمى | مستعيداً حلو أيام الشباب |
والندى يرفضّ في جنح الدجى | كارفضاض القطر أو دمع التصابي |
أي شجو هيجت شمس الضحى | حين غابت وأثارت من عذاب |
* * *
وترى الطير ترامت زمرا | تقطع الأفق بوخد وانتهاب |
تنبري كالسهم حيناً صعدا | وإذا انقضت تراءت كالشهاب |
يممت شطر الحمى مسرعة | تتحدى الريح جريا في الغلاب |
ولها من شوقها حاد إذا | أخذ الإعياء منها في الإياب |
أين للنازح عن أوطانه | راحة البال وصوب من صواب |
وصغار الطير في أعشاشها | ترمق الليل بذعر وارتياب |
ترسل الصيحة من شجو كما | شهق الموجع من وخز الحراب |
ولها في مسمع الأفق إذا | رددتها الريح أنات انتحاب |
أي شجو هيجت شمس الضحى | حين غابت وأثارت من عذاب |
* * *
خبت الأنوارإلاصفحة | من ضياء تتراءى كالهباب |
واستسر النور في غمد الدجى | كحسام مستسر في قراب |
خلت شؤبوب الضيا من رقة | سال يهمي قطرات من حباب |
دق قرن الشمس حتى خلته | شاكل اللغز غموضاً في الحساب |
والدجى أومأ من خلف السحاب | ناشراً فوق الربا جنحي غراب |
ظلمة كالبحر في أثباجه | غمرت أطباق هاتيك الروابي |
غفت الطير وفي آماقها | عبرة الموجع من سهم المصاب |
والأزاهير ارتمت من شجن | شلو إعياء على سافي التراب |
أي شجو هيجت شمس الضحى | حين غابت وأثارت من عذاب |
قام هذا الشاعر في سنة 1949م برحلات إلى باريس وجنيف وفينا عاصمة يقصد الاطلاع والنزهة، وسافر بعام 1952م إلى العراق لزيارة والده الأجل حينما كان وزيراً مفوضاً، وزار أكثر بلدانها.
* * *