جاري التحميل

عزو بن أحمد نعمان

الأعلام

عزو بن أحمد نعمان (حورية)([1])

العازف القوي المتفنن الأستاذ عزو بن أحمد نعمان المكنى بحورية

هو الأستاذ عزو بن أحمد نعمان المكنى بحورية، ولد بدمشق سنة 1884م، وأصله من عائلة (حورية) الحمصية، ولهذه العائلة أوقاف ذرية ورث المترجم حصته الوقفية منها، فتحسنت أحواله المالية، توفي والده وهو في الشهر العاشر من عمره، وتربى يتيماً تحرقه لوعة اليتم، وتعلم القراءة والكتابة، ولما وقعت الحرب العالمية الأولى كان المترجم في الثالثة والعشرين من عمره فاستخدم بفرع النجارة في الإنشاءات العسكرية بدمشق، وهبه الله الذكاء الفطري، تولع بالعزف على العود، وتمرن دون معلم حتى برع وأجاد، ثم تعلم العزف على الكمان، له إلمام بعلم النوتة بشكل ابتدائي، تلقى على الفنان المشهور الحاج عمر البطش الموشحات والأوزان لما التقيا في الجندية بدمشق، وكان يشترك بالحفلات مع المرحوم عمر الجراح العازف الشهير وإخوته محمد وحمزة وإبراهيم، وسافر إلى حيفا ويافا سنة 1923م مع فرقة السيد الصفتي الفنان المصري المشهور، واشتغل معه مدة ثلاثة أشهر.

اقتنى المترجم تساجيل كثيرة من الأسطوانات، فكان مرهف الحس سريع الحفظ، يعزف الكثير من القطع الصامتة والألحان التركية دون أن ينطق بها، واشتغل مع أجواق تركية ومصرية كثيرة، ومن أبرز مزايا هذا الفنان أنه اشتغل بالفن مدة (35) عاماً، فكان عصاميًّا ربى نفسه، واتخذ لنفسه طريقاً قويماً في الحياة يقوم على أساس من الأخلاق، فكان بعيداً عن كل ما يشين سمعته، استقام على طاعة الله مذ كان فتى يافعاً فلم يتعاط التدخين والمشروبات الروحية، وأعقب ولداً اسمه (حمدي)، ثم مال في آخر حياته إلى الولع بالساعات وبيعها وإصلاحها.

ومن طرائف ما يقع للفنانين في أدوار حياتهم أن المترجم كان مرة خارجاً من حفلة ليلية متأبطاً آلة العود قبيل الفجر مارًّا بالقرب من تربة (الدحداح) بدمشـق، شاهـد خيـالاً يتخطى جـدار المقبرة ويخرج عليه، وقال له: (وين رايح يا عزو، الله جابك)، فارتاع المترجم لهذه المفاجأة وطلب منه بإلحاح أن يدخل معهإلى المقبرة، وهدده بالجنجر إن لم يلب الطلب، فسار المترجم وراءه وهو يتخطى القبور شرقاً وغرباً حتى أجلسه أمام قبر في الظلام الدامس، وقال له: دق بالعود يا عزو، هذا قبر والدتي الحنونة، فكان يبكي وينوح على فقدان أمه ويقول: (وينك يا أمي، ارضِ علي، تعالي شوفيني، أنا وحدي، وبعد ساعتين قام وقد لاح الفجر بأنواره، فقال لعزو: ولك هذا ما قبر أمي، أنا تائه وغلطان، هذا قبرها، وأشار إلى قبر قريب، وطال الأخذ والرد بينهما، فالمترجم يود الانصراف إلى داره وذاك لا يتركه، ثم تشجع الأستاذ عزو بعد أن رأى الناس يروحون ويغدون في الطريق العام وصاح متوسلاً، فأتوا لنجدته وخلصوه من قبضة يديه، وانتهى الحادث الطريف بسلامة الأستاذ وآلة العود من التحطيم.

*  *  *

 



([1] (أ) (1/ 270).

الأعلام