جاري التحميل

عمر أبو ريشة

الأعلام

عمر أبو ريشة([1])

(1908م)

هو من أمراء القريض في هذا العصر، ورث عن والده المرحوم محمد شافع أبي ريشة الأدب، فقد كان أبوه شاعراً موهوباً معروفاً، كثير الإنتاج، ولد الشاعر المترجم في منبج سنة 1908م أيام كان والده قائم مقام في هذا القضاء، فعني بتثقيفه، وتمكن من اللغة العربية والإنكليزية، وذاعت شهرته في الآفاق بما جادتقريحته من الأدب الرفيع.

في خدمة الدولة: لقد أهلته شجاعته وما تحلى به من مواهب الظفر بمنصب رفيع، فاختير بتاريخ 4 شباط سنة 1950م وزيراً مفوضاً للجمهورية السورية في البرازيل، فترك قدومه إليها نفحة من الأنس، وشهد له منبر النادي الحمصي في مدينة سان باولو بأنه الشاعر الفذ الذي رفع لواء الأدب فوق كل بلد حل فيها، ولقي من التقدير والإعجاب ما يعتز به وطنه، وبتاريخ 30 مايس سنة 1953م نقل وزيراً مفوضاً للأرجنتين، ثم نقل بتاريخ 19 كانون الثاني سنة 1955م وزيراً مفوضاً إلى الهند.

شعره: هو شاعر مفلق ملهم وخطيب مفوه، امتاز فالفصاحة وقوة الإلقاء وخصب الإنتاج، قوافيه طوع بنانه، وهي كالزهور العطرة التي تتأرج بالنضارة والعبير وتنطلق على متن الدهر.

لقد بلغ الذروة في روائع قصائده الوطنية المشهورة، واستنهض بشعره عزائم القومية العربية، يغذي بمعانيها ونفثاته الملتهبة روح التضامن الاجتماعي، وتغنى بها أهل الفن، انطلق من أغلال الأساليب التي كانت تقيد شعور الشعراء وعواطفهم بقيود المعاني الفارغة، وطرق شتى أبواب الشعر، ومن روائع شعره ما كتبه على قبر والده إذا قال:

ناداك تحناني فما أسمعك

فأذهب، وذا قلبي فخذه معك

سرنا معاً حيناً وخلفتني

وحدي على الدرب الذي ضيّعك

أرنو إلى الدنيا، وآفاقها

فما أراها جاوزت مضجعك

حسبي منها موعد في المسا

أفهم فيه، سر ما استودعك

ونظم في سنة 1941م ملحمة بعنوان (النبي محمد) ﷺ، تعتبر من فرائد الدهر، نقتطف بعض الأبيات منها، ومطلعها:

أي نجوى مخضلة النعماء

رددتها حناجر الصحراء

سمعتها قريش فانتفضت غضـ

ـبىوضجت مشبوبة الأهواء

ومشت في حمى الضلال إلى الكـ

ـعبة مشي الطريدة البلهاء

وارتمت خاشعة على اللات والعـ

ـزى وهزت ركنيهما بالدعاء

وبدت تنحر القرابين نحرا

في هوى كل دمية صماء

وانثنت تضرب الرمال اختيالا

يخطى جاهلية عمياء

ورثا صديقه ورفيقه في الجهاد المرحوم حلمي الأتاسي نائب حمص الذي احترقت به الطائرة سنة 1947م وهو في طريقه إلى مصر، بقصيدة بليغة نذكر مطلعها:

كان لي في قرارة الأقداح

ما أروي به غليل جراحي

رب نجوى على الطلا همستها

في خيالي، حناجر الأتراح

لطمت في ذهولها جبهة الخط

ـب وأرخت على دجاه صباحي

وسمت بي عن عالم ملء جبينه

حنين الأشباح للأشباح

سلوة سلّها العياء فلا الحلم

إزاري ولا العزاء وشاحي

لقد أعاد طبع ديوانه النفيس في البرازيل ليصرف ريعه في سبيل الخير العام، وعرّب للعربية رواية إنكليزية.

*  *  *

 



([1](أ) (2/ 29 ـ 30).

الأعلام