جاري التحميل

عمر كحالة

الأعلام

عمر كحالة([1])

(1905م)

في قاعة علوية فسيحة من المكتبة الظاهرية ـ يفصل بينها وبين قبر أعظم ملك ألحد الثرى في رمسه المظلم جدار بسيط ـ ترى أجمل وجه أبدعه الله بين البشر، قبع وراء منضدة صف فوقها وحواليها عدد لا حصر له من المؤلفات العلمية والمخطوطات النادرة، تنتظر دورها ليجلو أسرارها منقباً ودارساً ومحققاً ألمع مؤرخ سوري في هذا العصر، وهو اللوذعي الأستاذ عمر الكحالة أمين دار الكتب الظاهرية بدمشق.

مولده ونشأته: هو الأستاذ عمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد الغني بن محمد الكحالة، انحدر من أسرة قديمة معروفة، ولد في دمشق سنة 1905م، وتلقى دراسته في المدارس التجارية والسلطانية الرسمية والعازارية والبطريركية للروم الكاثوليك بدمشق، ودرس سنة واحدة في الجامعة العربية بعاليه (لبنان)، وقرأ على عدد من الأساتذة بدمشق العلوم العربية والإسلامية.

مراحل حياته: قام في عام1927م برحلة إلى إنكلترا بقصد التجارة والبحث والاستقصاء العلمي، وأقام فيها مدة شهر، ثم سافر إلى (نيجيريا) في إفريقيا الغربية البريطانية، وأقام في عاصمتها (لاغوس) مدة شهرين، ثم أقام في مدينة (تريتاون) بمقاطعة (سيراليون) زهاء سنة وسبعة أشهر، وزاول خلال هذه المدة التجارة، وهو أول سوري قدم (نيجيريا)، وكان يبعث بمقالاته فتنشر في صحف دمشق.

عودته إلى دمشق: وفي أول شهر شباط سنة 1929م عاد إلى دمشق وبدأ ينشر سلسلة من مقالاته في جريدة ألف باء، وقد بلغت ثلاثين مقالة، ثم دعاه المرحوم الأستاذ كرد علي لإلقاء محاضرة في المجمع العلمي عن رحلته، فكان عنوانها (الإسلام والسودان الغربي الأوسط)، وقد جمع هذه المواد وأضافها إلى مؤلفه في هذا الموضوع، وفي 20 أيلول سنة 1929م عهد إليه بأمانة دار الكتب الظاهرية بدمشق، فكانت خير معهد ثقافي انتفع به، وتفرغ لإصدار مؤلفاته النفسية.

آثاره: لقد قضى الأستاذ عمر كحالة ربع قرن بين جدران المكتبة الظاهرية بدمشق يقلب المؤلفات المطبوعة والمخطوطة، ويقارع القلم والقرطاس في ميدان البحث والتنقيب والتأليف، وهو وإن تهيأت له الأسباب في دار الكتب هذه، وتمكن بصفته أميناً لها أن يتوصل لغايته المتوخاة في التأليف، إلا أن هنالك ناحية هامة في حياة هذا المؤلف الجبار، وهي أنه امتاز بقابلية نادرة للتأليف، وقد عرفت المكتبة الظاهرية غيره من الموظفين، إلا أنهم خرجوا منها كما دخلوا دون أن يتركوا وراءهم أي أثر يخلدهم.

ومن اطلع على ما جادت به قريحة هذا المؤرخ المتواضع ـ الذي يمقت الشهرة والدعاية لنفسه، ويتهالك عليها غيره حبًّا بالظهور والتعالي ـ في إخراج الكتب التاريخية المفيدة؛ تحقق أن عمله كان نبيلاً مجرداً من الغايات، لا يستهدف من ورائها إلا خدمة المجتمع والعلم والتاريخ، فإنه لم يجن من رواءه جهده المضني في آثاره القيمة أي مغنم زائل سوى الخلود، لا أغالي بالقول بأن المترجم قد أبدى قدرة ونشاطاً نادرين في ميدان التأليف والإنتاج العلمي يعز على غيره من أعضاء المجمع العلمي أنفسهم أن يأتوا بمثله.

ولقد أنتج خلال ربع قرن ونيف مؤلفات مطبوعة لها أهميتها في ميدان العلم، وهي: 1 ـ (إفريقيا الغربية البريطانية) ويتألف من 132 صفحة، 2 ـ(العالم الإسلامي) 382 صفحة، 3 ـ(سيف الله خالد بن الوليد) 208 صفحة، 4 ـ (أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام) ويتألف من ثلاثة أجزاء بـ (1688) صفحة، 5 ـ(جغرافية شبه جزيرة العرب) 598 صفحة، 6 ـ (معجم قبائل العرب) بثلاثةأجزاء بـ 1280 صفحة، 7 ـ (فهرس المجمع العلمي العربي بدمشق، الجزء الأول) ويتضمن فهرس ما صدر من المجلة في السنوات العشر الأولى 1921 ـ 1930م بـ (800) صفحة، 8 ـ وقد باشر بطبع مؤلف معجم المؤلفين على حروف المعجم، وهو في أكثر من عشر مجلدات.

لقد توطدت عرى المحبة والألفة بين المترجم ومؤلف هذا السفر، ويطيب لي أن أمحضه والقائمين معه على شؤون المكتبة الظاهرية عظيم الشكر لإسدائهم كل مؤازرة في تسهيل مهمتي التاريخية.

*  *  *

 



([1](أ) (2/ 146 ـ 147).

الأعلام